ومن الدعاء المأثور فيه: يا رَب أتَيْتُكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ مُؤمِلًا مَعْرُوفَكَ فأنِلْني مَعْرُوفًا مِنْ مَعْرُوفِكَ تُغْنِيني بهِ عَنْ مَعْرُوفِ مَنْ سِوَاكَ يا مَعْرُوفًا بالمَعْرُوفِ.
ــ
جمع من البيت وظاهر العبارة هنا ذلك لكنها تؤول بما ذكرنا لتوافق كلامه في باقي كتبه واختلف في قدره فقيل ستة أذرعٍ وقيل سبعة أذرع وكلاهما ورد في الصحيح رواه الشيخان كما في القرى وغيره. قوله:(قدْ قدَّمنا أنهُ يُستَجابُ فيهِ الدُّعاءُ الخ) في البحر العميق روي عن بعض السلف قال من صلى تحت الميزاب ركعتين ثم دعا بشيء مائة مرة وهو ساجد استجيب له أورده في مثير شوق الأنام وروي عن ابن الجزري والأزرقي عن عبد الله بن أبي رباح أنه قال من قام تحت مثقب الكعبة فدعا استجيب له وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه قال في مثير شوق الأنام ومثقب الكعبة
مجرى مائها. قوله:(ومنَ الدُّعاءِ المأْثورِ فيه الخ) قال الحافظ روينا الأثر المذكور في المنتظم لابن الجوزي وفي مثير العزم له بسند ضعيف من طريق مالك بن دينار قال بينما أنا أطوف إذا أنا بامرأة في الحجر وهي تقول يا رب أتيتك من شقة بعيدة فأنلني معروفًا من معروفك تغنيني به عن معروف من سواك يا معروفًا بالمعروف ثم ذكر قصة له ولأيوب السختياني معها قال فسالت عنها فقالوا هذه مليكة بنت المنكدر وهي أخت محمد بن المنكدر أحد أئمة التابعين اهـ. قوله:(أَتَيتُكَ) أي أقبلت على طاعتك وقصدت ساحة كرمك. قوله:(شُقةٍ) بضم الشين المعجمة وتشديد القاف أي مسافة طويلة والشقة السفر البعيد وربما قالوه بالكسر في الشين ذكره أبو حيان في النهر وعلى هذا فقوله (بعيدَةٍ) إما أن يكون مؤكدا لما في معنى الشقة أو مؤسسًا بناءً على تجريد الشقة من الطويلة وإرادة مطلق السفر بها والله أعلم. قوله:(مؤَمَّلا) أي راجيًا. قوله:(معْرُوفًا) أي عظيمًا وقوله: (منْ معرُوفِكَ) في موضع الصفة للإيماء إلى ما ذكر من كونه عظيمًا إذ المضاف إلى العظيم عظيم. قوله:(تُغْنِيني بهِ) هو مرفوع في الأصول وحينئذٍ إما أن يكون صفة لمعروفًا أو حالًا منه لتخصيصه بالوعد السابق ولو روي بالجزم على جواب الطلب لكان مستقيمًا والله أعلم.