فاذكروا الله وقيل ثم بمعنى الواو أي وأفيضوا وقيل غير ذلك. قوله:(من حيث أفاض النّاس) قال أهل التفسير كانت قريش وحلفاؤها ومن دان بدينهم وهم الخمس يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أهل الله وقطان حرمه فلا نخلف الحرم ويتعظمون أن يقفوا
مع سائر العرب بعرفات فإذا أفاض النّاس من عرفة أفاض الخمس من مزدلفة فأمروا بالإفاضة من عرفة إلى جمع مع سائر النّاس وأخبرهم أنها سنة إبراهيم وإسماعيل على نبينا وعليهما الصلاة والسلام والناس هم العرب كلهم غير الخمس وقيل أهل اليمن وربيعة وقيل إبراهيم وحده وقيل آدم وحده ويؤيده أن ابن جبير كان يقرأ: "من حيث أفاض النّاس" بكسر السين يومئ إلى قوله تعالى: (فَنسِيَ وَلَم نِجد لَه عَزْمًا) وقيل المراد إبراهيم وآدم وغيرهما. قوله:(إن الله غفور) أي للمؤمنين (رحيم) بهم. قوله:(ويكثر من قوله ربنا آتنا الخ) قال الحافظ: تقدم في باب دعاء الكرب حديث أنس قال: كان أكثر دعاء يدعو به النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم آتنا في الدنيا الخ" وأخرج الحافظ عن ابن عوف محمد بن عبد الله الثقفي قال: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب فذكر حديث طويلًا فيه وكان النّاس في الجاهلية إذا وقفوا عند المشعر الحرام دعوا فقال أحدهم: اللهم ارزقني إبلًا وقال الآخر: اللهم ارزقني غنمًا فأنزل الله تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠)} {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} إلى قوله {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} قال الحافظ: هذا موقوف له حكم الرفع وفي سنده ضعف وللحديث شاهد أخرجه الطبراني من رواية القاسم بن عثمان عن أنس ولفظه كانوا يدعون: اللهم أسقنا المطر وأعطنا على عدونا الظفر وردنا صالحين إلى صالحين فنزلت ومن طريق مجاهد كانوا يقولون: ربنا آتنا رزقًا ونصرًا ولا يسألون لآخرتهم شيئًا فنزلت.
قوله:(ويستحب أن يقول اللهم لك الحمد كله الخ) قال الحافظ: لم أره مأثورًا وورد بعضه غير مقيد في حديث لأبي سعيد أخرجه ابن منصور في مسند الفردوس ولفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل سأله: أي الدعاء خير؟ قال: "قل اللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله ولك الملك كله