أربع أذرع من جدار القبر، وسلم مقتصدًا لا يرفع صوته فيقول: السَّلام عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سيِّد المُرْسَلِينَ وَخَاتَمَ النبِيينَ، السلامُ عَلَيْكَ وَعلى آلِكَ وأصْحابِكَ وأَهْلِ بَيْتِكَ
ــ
ونعم لقد صدقوا بساكنها زكت ... كالنفس حين زكت زكي مأواها
قوله:(واستدبر القبلة) هذا مذهبنا ومذهب الجمهور من العلماء وقال آخرون: الأفضل استقبال الكعبة ونقل عن أبي حنيفة لكن نقل عنه موافقة الأول وانتصر له ابن الهمام فقال ما نقل عن أبي حنيفة أنه يستقبل القبلة مردود بما رواه في مسنده عن ابن عمر أنه قال من السنة استقبال القبر المكرم وجعل الظهر للقبلة اهـ. وسبقه لذلك ابن جماعة فنقل عنه الثاني ورد نقل الكرماني عنه الأول اهـ. ومما يؤيد ما قاله المصنف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حي في قبره واتفقوا على أن المدرس بالمسجد الحرام
تستقبله طلبته ويستدبرون الكعبة فهو - صلى الله عليه وسلم - أولى بذلك ويستحب أن يكون حال الزيارة قائمًا إلا أن يكون به عذر فيقعد وهل الأفضل حال الزيارة وضع اليدين على الصدر كالصلاة أو إرسالهما قال ابن حجر المتجه إرسالهما نعم إن نظر إلى المعنى الذي من أجله وضعا على الصدر في الصلاة وهو حفظ القلب عن الخواطر التي تطرقه يقوى ما قاله الكرماني من استحبَّاب وضعهما عليه اهـ. قوله:(على نحو أربع أذرع) أي تأدبًا معه - صلى الله عليه وسلم - وهذا أقل مراتب البعد وطلب مزيد الأدب في تلك الحضرة يقتضي أن الشخص كلما بعد كان أولى فعند حضرته يستلزم الأدب وفي إحياء العلوم أنه يستقبل جدار القبر على نحو أربع أذرع من السارية التي عند رأس القبر في زاوية جداره ويجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه ويقف ناظرًا إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا مستحضرا في قلبه جلالة موقفة ومنزلة من هو بحضرته اهـ. قوله:(لا يرفع صوته) أي رفعًا بليغًا لأن في ذلك نوعا من الإخلال بالأدب ولا يسر به بحيث لا يسمعه من يقربه. قوله:(السلام عليك الخ) قال الحافظ: