من الذين قال البيضاوي والمعنى أنهم يستبشرون بما تبين لهم من أمر الآخرة وحال من تركوا خلفهم من المؤمنين وهو أنهم إذا ماتوا وقتلوا كانوا أحياء حياة لا يكدرها خوف وقوع محذور وحزن ذوات محبوب قال والآية تدل على أن الإنسان غير الهيكل المحسوس بل هو جوهر مجرد مدرك بذاته لا يفنى بخراب البدن ولا يتوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه ويؤيد ذلك قوله تعالى في آل فرعون {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} الآية وما روي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال: أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة في ظل العرش ومن أنكر ذلك ولم ير الروح إلا ريحًا وعرضًا قال: هم أحياء يوم القيامة وإنما وصفوا به في الحال لتحققه ودنوه أو أحياء بالذكر أو بالإيمان وفي الآية حث على الجهاد وترغيب في الشهادة وبعث على ازدياد الطاعة وإحماد لمن يتمنى لإخوانه مثل ما أنعم الله عليه وبشرى للمؤمنين بالفلاح اهـ. قوله:({يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} الخ) قال القاضي البيضاوي كرره للتوكيد وليتعلق به ما هو بيان لقوله أن لا خوف عليهم ويجوز أن يكون الأول بحال إخوانهم وهذا بحال أنفسهم اهـ. وفي النهر الظاهر أن قوله يستبشرون استئناف إنجار وليس بتوكيد للأول لاختلاف متعلق الفعلين فالأول بانتفاء الخوف من الذين لم يلحقوا بهم والثاني بقوله بنعمة من الله وذهب الزمخشري وابن عطية إلى أنه توكيد للأول قال الزمخشري كرر يستبشرون ليعلق به ما هو بيان. لقوله:{أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} من ذكر النعمة والفضل وأن ذلك أجر لهم على إيمانهم يجب في عدل الله تعالى وحكمته أن يحصل لهم ولا يضيع وهو على طريقته في الاعتزال في ذكره وجوب الأجر وتحصيله
على إيمانهم وسلك ابن عطية طريقة أهل السنة فقال: أكد استبشارهم بقوله يستبشرون ثم بين بقوله وفضل أن إدخالهم الجنة الذي هو فضل منه لا بعمل أحد وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر أنها على قدر الأعمال اهـ. وعبارة ابن عطية في السلامة عما عشر به الكشاف من وجوب الأجر هو ما عبر به البيضاوي فيما سبق عنه والنعمة نيل الجنة وديل المغفرة والفضل قيل إنه