ويتوب إلى الله ويستغفره من جميع الذنوب والمخالفات، وليطلب من الله تعالى المعونة على سفره، وليجتهد على تعلّم ما يحتاج
إليه في سفره. فإن كان غازيًا تعلَّم ما يحتاج إليه المغازي من أمور القتال
ــ
مجبولة على حب المال والاستكثار منه فلو توقف السفر على رضاهما لشق ذلك على النفوس ولم تحتمله بخلاف العبادة المتطوع بها فإن توقفها على الغير الآكد منها لا مشقة فيه ونفع العلم متعد بخلاف النسك فسومح فيه بما لم يسامح في النسك. قوله:(ويتوب إلى الله تعالى) ظاهره تأخير التوبة عن استقرار العزم على السفر المترتب على الاستخارة وجرى ابن جماعة على تقديمها وأيده بأن المستخير عاصيًا كعبد متمادٍ على إباقه ويرسل إلى سيده بأن يختار له من خيار ما في خزائنه فيعد بذلك أحمق بين الحمق وهذا الذي ذكر من تقديم التوبة على الاستخارة يحمل على المعاصي السابقة على الاستخارة ويحمل ظاهر كلام المصنف على معاص طرأت بعد الاستخارة أو سهى عنها حين الاستخارة هذا باعتبار وجوب التوبة أما توقف صحة الاستخارة وإفادتها على تقديم التوبة فمحل نظر قاله بعض المحققين ثم معنى كون ما ذكر من التوبة وما معها مندوبًا إليه لا يتوقف على وجوده حل السفر وإلا فهي في حد ذاتها منها ما هو مفروض كالتوبة من العصيان ولو صغيرة. قوله:(ويستغفره من جميع الذنوب) أي يسأل منه الغفران من جميع الذنوب أي المعاصي. قوله:(والمخالفات) أي المكروهات وعليه فالعطف على أصله ويحتمل أن يكون المراد من المخالفات الذنوب أيضًا فيكون من عطف الرديف. قوله:(وليطلب من الله المعونة على سفره) أي يتأكد ذلك في شأنه ليتيسر له ما أراده والأمر فيه للاستحباب وإن كان في عبارته نوع إيهام لوجوب ذلك ويؤيد ذلك الإيهام عطف قوله: وليجتهد على تعلم ما يحتاج إليه الخ إذ ذلك فرض عين على من يريد مباشرته قال أصحابنا الفرض العيني من العلم علم العقائد أي معرفة ما يجب
ويجوز ويستحيل في حق الله تعالى وفي حق رسله وتوابع ذلك ومعرفته أحكام الطهارة والصلاة والصوم والزكاة لمن