اعلم أن هذا مستحبُّ، حتى يستحب ذلك للرجل مع زوجته وغيرها، من عياله الذين يتوهم منهم أنهم رفعوا أيديهم ولهم حاجة إلى الطعام وإن قلَّت.
ومما يستدل به في ذلك ما رويناه في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله
ــ
ثلاث قال في الإحياء ولا ينبغي أن يقسم عليه بالله ليأكل اهـ. وسيأتي فيه كلام في آخر الباب.
قوله:(ومما يستدل به لذلك ما رويناه في صحيح البخاري الخ) عن مجاهد قال: سمعت أبا
يقول والله الذي لا إله غيره إن كنت لأعتمد على كبدي في الأرض من الجوع وإن كنت لأشد بحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يمرون به فمر بي أبو بكر رضي الله عنه فسألته عن آية من كتاب الله ما سألت عنها إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر رضي الله عنه فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته عنها إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - فعرف ما في نفسي وما في وجهي فتبسم فقال: أبا هريرة فقلت: لبيك يا رسول الله فقال الحق ثم مضى وتبعته فدخل بيته فاستأذنت فأذن لي فوجد لبنًا في قدح فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهدأه لك فلان أو فلانة قال أبا هو: قلت: لبيك يا رسول الله قال: انطلق إلى أهل الصفة فأدعهم قال وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يلوون على أهل ولا مال إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئًا وإذا أتته هدية أصاب منها وأرسل إليهم وأشركهم فيها فساءني ذلك وقلت في نفسي: ما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أود لو شربت منه شربة أتقوى بها أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا جاؤوا أمرني فكنت أنا الذي أعطيهم فما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم فالتفت فقال: أبا هريرة فقلت: لبيك يا رسول الله قال: "فأعطهم" فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى حتى انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده ونظر إليّ فتبسم وقال أبا هر: بقيت أنا وأنت قلت: صدقت يا رسول الله قال: "فاقعد واشرب" فقعدت فشربت ثم قال: "اشرب" فما زال يقول اشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة - صلى الله عليه وسلم - قال الحافظ بعد تخريجه: أخرجه أحمد عن روح بن