أصل السلام ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. وأما أفراد مسائله وفروعه فأكثر من أن تحصر، وأنا أختصر مقاصده في أبواب يسيرة إن شاء الله تعالى، وبه التوفيق والهداية والإصابة والرعاية.
ــ
جملة فعلية إذ
التقدير سلمت سلامًا يدل على الحدوث والتجدد، والرفع لكونه متضمنًا جملة اسمية إذ التقدير سلام عليكم يدل على الثبوت والتقرر فكان سلامه عليهم أكمل من سلامهم عليه وكان له من مقام الرد ما يتعلق بمنصبه وهو مقام الفضل إذ حياهم بأحسن من تحيتهم، قال: وعندي جواب هو أحسن من هذا هو أنه لم يقصد حكاية لفظ سلام الملائكة فقوله: سلامًا منصوب على أنه صفة قولًا والتقدير قالوا قولًا: سلامًا كما يقال قالوا: سدادًا وصوابًا ونظيره قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} ليس المراد منه قالوا: هذا اللفظ المفرد بل المراد قالوا قولًا: سلامًا وسمي القول سلامًا لأنه يؤدي معنى السلام ويتضمنه من دفع الوحشة وحصول الاستئناس وقصد حكاية لفظ سلام إبراهيم فأتى به على لفظه مرفوعًا بالابتداء محكيا بالقول، وفي حكايته قول إبراهيم ورفعه وترك ذلك في جانب ضيفه إشارة إلى معنى لطيف جدًّا هو أن قول: سلام عليكم من دين الإسلام المتلقى عن أبي الأنبياء وإمام الحنفاء وأنه من ملة إبراهيم التي أمرنا باتباعها فحكي لنا قوله: ليحصل لنا الاقتداء والاتباع به ولم يحك قول ضيفه إنما أخبر به على سبيل الجملة دون التفصيل والكيفية والله أعلم اهـ. وقد أشار في النهر إلى هذا الوجه أعني كون سلامًا نعتًا لمصدر محذوف. قوله:(أصل السلام الخ) أي دليل السلام بدءًا وردًّا (ثابت بالكتاب) أي كما ذكر من الآي (والسنة) أي كالأحاديث الآتية (والإجماع) أي إجماع الأمة. قوله:(أفراد مسائله وفروعه) هو بفتح الهمزة واحد فرد أي مفردات مسائله والمراد أن ما ذكره من الكتاب والسنة في أصل مشروعية السلام وأما ما فيه من الفروع والمسائل فكثيرة جدًّا. قوله:(مقاصده) أي ما يقصد من تلك المسائل والفروع بعموم الحاجة إليه. قوله:(أبواب يسيرة) الإتيان بالوصف لتأكيد مبالغة القلة المفهومة من صيغة أبواب إذ هو من جموع القلة وذلك سبعة أبواب.