للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تأويلها ويقال: نؤمن بها حقًّا وأن ظاهرها غير مراد ولها معنى يليق بها وهذا مذهب جمهور السلف وهو أحوط وأسلم، والثاني: أن يؤول على حسب ما يليق بتنزيه الله تعالى وأنه ليس كمثله شيء، قلت وقد سبق في باب ما يقول إذا قام من الليل بسط لهذا المعنى في حديث ينزل ربنا إلى سماء الدنيا، واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث فقالت طائفة الضمير: يعود على آدم، قال المصنف: وهذه الرواية ظاهرة في ذلك والمعنى أنه تعالى خلق آدم في أول نشأته على صورته التي كان عليها في الجنة وهي صورته في الأرض لم يتغير أي لم يتطور من النطفة إلى العلقة الخ، بل أوجده هكذا ابتداء ولم يتغير عن صورته حال نزوله إلى الأرض بل استمر على صورته التي كان عليها في الجنة وهو في الأرض، قال التوربشتي: هذا كلام صحيح في موضعه فأما في تأويل هذا الحديث فإنه غير سديد لما في حديث آخر خلق آدم على صورة الرحمن ولما في غير هذه الرواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يضرب وجه غلام فقام فقال: "لا تضرب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" فالمعنى الذي ذهب إليه هذا المؤول لا يلائم هذا القول وأهل الحق في ذلك على طبقتين إحداهما المنزهون عن التأويل مع نفي التشبيه الخ والطبقة الأخرى يرون الإضافة فيها إضافة تكريم وتشريف أي كقوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ} وكما يقال: الكعبة بيت الله وذلك أن الله تعالى خلق آدم أبا البشر على صورة لم يشاكلها شيء من الصور في الجمال والكمال وكثرة ما احتوت عليه من الفوائد الجليلة فاستحقت الصورة البشرية أن تكرم ولا تهان اتباعًا لسنة الله تعالى فيها وتكريمًا لما كرمه اهـ. وقال القرطبي: لو سلمنا أن الضمير عائد على الله تعالى فالتأويل فيه وجه صحيح هو أن الصورة قد تطلق بمعنى الصفة ومنه صورة المسألة أي صفتها فيكون معنى الخبر إن الله خلق آدم على صورته أي خلقه موصوفًا بالعلم الذي فصل به بينه وبين جميع الحيوانات وخصه منه بما لم يخص به أحدًا من ملائكة الأرضين والسموات اهـ. وفي التوشيح بناء على كون الضمير الله المراد بالصورة الصفة من الحياة والعلم والسمع والبصر وإن كانت صفاته تعالى لا يشبهها شيء اهـ. وقيل المراد منه الكناية عن صورة الكمال كما أشار إليه العاقولي، وقيل: الضمير للعبد المحذوف من السياق لما تقدم في سبب الحديث من أن رجلًا ضرب وجه غلام الخ، قال ابن جماعة ومن قال بأن لله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>