للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَرَكاتُهُ، فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلَّم عليه واحدًا،

ــ

وهو كمالها وبالتضمن أخرى إذا ذكر السلام والرحمة فإنهما يتضمنان البركة وباللزوم أخرى إذا اقتصر على السلام وحده فإنه يستلزم حصول الخير وثباته إذ لو عدم لم تحصل السلامة المطلقة فهي مستلزمة لحصول الرحمة، وبه يعلم فضل هذه التحية على سائر تحيات الأمم ولذا اختارها الله تعالى لعباده المؤمنين وجعلها تحيتهم بينهم في الدنيا وفي دار السلام وبه يعرف وجه كمال ذلك بذكر البركات إذ قد استوعبت هذه الألفاظ الثلاثة جميع المطالب من دفع الشر وحصول الخير وثباته وكثرته ودوامه فلا معنى للزيادة عليها، لذا جاء في الأثر المعروف انتهاء السلام إلى وبركاته قال والحكمة في إضافة الرحمة والبركة دون السلام أن السلام لما كان من أسمائه تعالى -أي على أحد ما قيل كما تقدم- استغنى بذكره مطلقًا عن الإضافة ولو لم يضافا لم يعلم رحمة من ولا بركة من تطلب إذ لو قيل ورحمة وبركة لم يكن في اللفظ إشعار بالراحم المبارك المطلوب ذلك منه وأيضًا فالسلام من مجرد السلامة المبعدة عن الشر وأما الرحمة والبركة فتحصيل الخير وإدامته وتثبيته وهذا أكمل فإنه المقصود لذاته والأول وسيلة له فأضيف إليه تعالى أكمل المعنيين وأتمهما لفظًا وأطلق الآخر وأفرد السلام لكونه مصدرًا محضًا فهو شيء واحد فلا معنى لجمعه أو لكونه من أسمائه تعالى فيستحيل جمعه أيضًا وأفردت الرحمة أيضًا لكونها مصدرًا بمعنى التعطف والحنان ولا يجمع أيضًا والتاء فيها ليست للتحديد كتاء ضربة بل هي فيها كتاء خلة ومحبة وإفراده ليشعر بالمسمى مطلقًا من غير تحديد وجمعه يشر بالتحديد والتقييد بعود فالإفراد هنا أكثر وأكمل معنى من الجمع وهذا بديع جدًّا أن يكون مدلول المفرد أكثر من مدلول الجمع ولذا كان قوله تعالى {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} أبلغ وأتم من أن يقال الحجج البوالغ وجمعت البركة لأن لفظ الجمع أولى بها على الدوام شيئًا فشيئا ولفظ الجمع أولى لدلالته على المعنى المقصود بها ولذا جاءت كذلك في القرآن وفي التشهد اهـ، بتلخيص والله أعلم. قوله: (فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلم عليه واحدًا) وإتيانه بضمير الجمع حينئذٍ بقصد الملائكة الذين معه ولو أفرد

<<  <  ج: ص:  >  >>