للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذكر هو من قوله ورحمة الله إذ الظاهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي بأكمل التحية فلذا لم يرد عليه حتى تيمم وحرمة ابتداء الكافر به مع جواز ابتدائه بنحو سلمك الله فليس حرمة ذلك إلا لكونه من أسمائه تعالى فلا يسوغ أن يطلب حلول بركة اسمه تعالى عليهم، قال ابن القيم وهذه حجج قوية، قلت وترجم البخاري في صحيحه باب السلام اسم من أسماء الله تعالى في قوله {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} وأخرج في الباب حديث ابن مسعود كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السلام على الله قبل عباده الحديث وأخرج في الأدب المفرد من حديث أنس مرفوعاً السلام من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم وقال السيوطي في التوشيح وأخرجه البزار من حديث مسعود والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة وهو مرفوع عند الجميع وتقدم تخريج الحديث من طريق ابن مسعود عند البزار والبيهقي في فصل الابتداء بالسلام أفضل قال الشيخ زكريا في تحفة القاري لا ينافي ذلك قول مر قال إنه مصدر نعت به والمعنى ذو السلامة من كل آفة اهـ. قال ابن القيم ومما استدل به للقول بالمصدرية إنه يجوز تنكيره ولو كان من أسمائه تعالى لما استعمل كذلك فإن التنكير لا يصرف اللفظ إلى معين فضلاً عن أن يصرفه إلى الله تعالى وحده بخلاف العرف فإنه ينصرف إليه تعييناً عليه وإنه عطف عليه الرحمة والبركة وهذا يدل على أن المراد به المصدر أي السلامة إذ الكل مصادر وبأنه لو كان من أسمائه تعالى لما استقام الكلام بإضمار وتقدير يكون به مفيداً أي بركة السلام عليكم والتقدير خلاف الأصل ولا دليل عليه وبأنه ليس القصد من السلام هذا المعنى وإنما القصد منه الإيذان بالسلامة ولذا كان السلام أماناً لتضمنه معنى السلامة وأمن كل واحد من المسلم والراد من صاحبه فهذه الأدلة تؤذن بأنه بمعنى السلامة وحذفت تاؤه لأن المطلوب الجنس لا المرة الواحدة والتاء تفيد التحديد، وفصل الخطاب في المسألة أن يقال الحق في مجموع القولين فكل منهما بعض الحق ومجموعهما هو الحق ويتبين ذلك بتقريره قاعدة هي أن من دعا الله بأسمائه الحسنى يسأل في كل مطلوب ويتوسل إلى الله تعالى بالاسم المقتضي لمطلوبه المناسب لحصوله حتى إن الداعي بالتوبة والغفران يقول: رب اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم وقد سأل أمرين وتوسل باسمين مقتضيين حصول مطلوبه والمقام هنا لما كان مقام طالب السلامة التي هي أهم ما عند الرجل أتى في لفظها بصيغة اسم من أسماء الله

<<  <  ج: ص:  >  >>