وقوله: أنا سيد ولد آدم لم يقله فخراً بل صرح بنفي الفخر في الحديث المشهور أنا سيد ولد آدم ولا فخر وإنما قاله لوجهين أحدهما امتثال قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} والثاني أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه -صلى الله عليه وسلم- بمقتضى مرتبته كما أمرهم الله تعالى وقيل: المراد لا أقوله على سبيل الادعاء الذي هو معنى الفخر بل هو أمر حقيقي جعله الله لنبيه وشرفه به على سائر الرسل وإليه أشار في النهاية وقيل: لا أقوله مفتخراً به بل فخري بالعبودية والافتقار إليه سبحانه إذ تلك أشرف الأوصاف -صلى الله عليه وسلم- قال المصنف: وفي هذا الحديث تفضيل له على الخلق كلهم لأن مذهب أهل السنة أن نوع البشر أفضل من الملائكة وهو -صلى الله عليه وسلم- أفضل جميع البشر لهذا الحديث وغيره وأما الحديث الآخر: لا تفضلوا بين الأنبياء فجوابه من خمسة أوجه أحدها أنه -صلى الله عليه وسلم- قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم فلما علم أخبر به قلت: واعترض بأنه بعيد فإن راوي الحديث أبا هريرة متأخر الإسلام إلى عام خيبر ويبعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يطلع على تفضيله إلا حينئذٍ وقد يجاب بأنه يحتمل أن أبا هريرة سمعه من غيره ممن سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قاله قبل والله أعلم والثاني قاله أدباً وتواضعاً والثالث أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول والرابع إنما نهي عن تفضيل يفضي إلى الخصومة والفتنة كما هو المشهور في سبب الحديث والخامس أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة فلا تفاضل فيها وإنما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى ولا بد من اعتقاد التفضيل قد قال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} اهـ. قوله:(أنا أول من تنشق عنه الأرض) جاء من جملة الحديث قبله وجاء أول حديث آخر أورده في الجامع الصغير من حديث ابن عمر مرفوعاً أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر ثم آتى أهل البقيع فيحشرون معي ثم أنتظر أهل مكة رواه الترمذي والحاكم في المستدرك. قوله:(أنا أعلمكم بالله وأتقاكم له) حديث صحيح روى من طرق بألفاظ منها عند الشيخين من حديث أنس عن الثلاثة الواصلين لا زواجه -صلى الله عليه وسلم- للسؤال عن