للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلا تَمْشِ أمامَهُ، وَلا تَسْتَسِبَّ لَهُ، وَلا تَجْلِسْ قَبْلَهُ، ولاَ تَدْعُهُ باسْمِهِ".

قلت: معنى لا تستسبَّ له: أي لا تفعل فعلاً يتعرض فيه لأن يسبك أبوك زجراً لك وتأديباً على فعلك القبيح.

وروينا فيه عن السيد الجليل العبد الصالح المتفق على صلاحه عبيد الله بن زَحْر -بفتح الزاي وإسكان الحاء المهملة- رضي الله عنه قال: يقال: من العقوق أن تسميَ أباك باسمه، وأن تمشيَ أمامه في طريق.

ــ

المطلوب منه مع من ذكر وقد نهى الله عباده أن ينادوا النبي -صلى الله عليه وسلم- باسمه بل يدعونه بوصفه الشريف من الرسالة والنبوة ونحوهما قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} قوله: (فلا تمش أمامه) أي لأن في ذلك صورة ترفع عليه واستهانة بشأنه. قوله: (ولا تستسب له) أي لا تطلب سبه لك بوقوعك في فعل قبيح يدعوه أن يسبك من أجله ويؤذيك على فعله، وإنما نهى عن ذلك لما فيه من إيذائه وهذا ما ذكره المصنف رحمه الله ويحتمل أن يكون المعنى لا تطلب السب له من الغير وذلك بأن تسب ذلك الغير فيسب أباك وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من الكبائر شتم الرجل والديه" قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه متفق عليه. قوله: (ولا تجلس قبله) أي فإن ذلك خلاف الأدب وفيه نوع من التكبر عليه. قوله: (ولا تدعه باسمه) يحتمل أن يراد من الاسم العلم بأنواعه من اسم ولقب وكنية وحينئذٍ فيدعوه بوصفه من نحو يا سيدي أو يا أبي أو يا مولانا أو يا أستاذنا أو نحوه ويحتمل أن المراد من الاسم هنا ما يقابلهما فيدعوه بكنيته ولقبه والأول أقرب إلى رعاية الأدب لكن ظاهر ما يأتي من قول المصنف باب جواز الكنى واستحباب مخاطبة أهل الفضل بها أن المراد من الاسم هنا ما يقابل اللقب والكنية فلا بأس بندائه بلقبه كيا زين

العابدين أو كنيته كيا أبا الخير أو بنحو يا أبت كما في الكتاب العزيز حكاه عن بعض الأنبياء عليهم السلام. قوله: (وعن السيد) أي المرتفع المقدار. قوله: (عبيد الله بن زحر) هو بصيغة التصغير مما عاصر صغار التابعين

<<  <  ج: ص:  >  >>