أمته على هذه الحالة: وتبعه أكابر الصحابة دون ما ابتدعه المبتدعة وإن كان مستحسناً في الجملة اهـ، وقال بعض العلماء إنما خص السوق بالذكر لأنه مكان الاشتغال عن الله تعالى وعن ذكره بالتجارة والبيع والشراء فمن ذكر الله تعالى فيه دخل في زمرة من قيل من حقهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وجاء أن الأسواق محل الشياطين وإن إبليس باض وفرخ كناية عن ملازمته لها ومن ثم يسن تقديم اليسرى عند دخولها واليمنى عند الخروج منها كالخلاء ثم إنه لم يلازمها إلا على كيفية تقتضي أسوة لأهلها وأنه اختار فيهم ضرب رقه عليهم ولم ينج منه إلا القليل منهم بتوفيقه تعالى لذلك الذكر أو غيره وتلك الكيفية هي أنه نصب كرسيه فيها وركز رايته وبث جنده فيها ليرغبوا أهلها في تحصيل الدنيا على أي وجه كان من تطفيف كيل أو نقص وزن أو إنفاق سلعة بحلف كاذب وتملك بعقد فاسد فهم غافلون ومن نزول العذاب بهم لذلك ليسوا بآمنين إلا من ذكر ربه وآثر قربه فإنه متعرض لرد غضبه هازم للشيطان وجنده متدارك لدفع ما اقتضاه فعلهم داخل في قوله تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} فدفع بكلمات هذا الذكر قضايا أفعالهم، فبكلمة التوحيد ذلت قلوبهم الممتلئة بالهوى قال تعالى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} وبـ "وحده لا شريك له" ما رسخ فيها من حب المال الحامل على أخذه بغير حقه، وبـ {لَهُ المُلك} ما يسارعون إليه من تملك الأموال بالعقود الفاسدة وبـ {لَهُ اَلحَمْدُ} ما تمالؤوا عليه من عدم الشكر للنعم والتعرض للنقم وبـ (يُحيي وَيُميتُ} غفلتهم عن شؤم حركاتهم المؤدي دوامها إلى موت قلوبهم والرجوع عنها إلى إحيائها وبقوله: "وهو حي لا يموت" ما جهلوه ما يجب له تعالى المؤدي الجهل به إلى كون الجاهل به على مدرجة الهلاك الأبدي وبقوله: "بيده الخير" ما ضيعوه من النظر إليه حتى تحاسدوا وباعوا واشتروا على بيع وشراء بعضهم على بعض ووقعوا في العقود الفاسدة وبقوله: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ما غفلوا عنه من قدرته على أن يحل بهم عذاباً يستأصلهم من آخرهم فظهران الآتي بهذا الذكر