أنا كنتُ آخذ شيئاً من أرضها بعد الذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: ما سمعتَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"مَنْ أخذ شِبْراً مِنَ الأرضِ ظُلْماً طُوّقَهُ إلى سَبْعِ أرَضِينَ" فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال سعيد: اللهُم إن كانت كاذبة فَأعْمِ بصرها، واقتُلْها في أرضها،
ــ
سعد ناساً يكلمونه في شأن أروى بنت أويس وكانت شكته إلى مروان في أرض فقال سعد: تروني ظلمتها وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول فذكر الحديث فترك سعد لها ما ادعت ثم قال: اللهم إن كانت كاذبة الخ. قوله:(إن كنت) أنا نافية بمعنى ما كنت. قوله:(بعد الذي سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) سكت عن بيانه أولاً لتتوجه النفس نحوه فيكون ذكره أمكن في النفس. قوله:(قال) أي مروان. قوله:(قال) أي سعد. قوله:(طوقه) هو بضم المهملة وتشديد الواو مبني للمجهول و (من سبع أرضين) متعلق بقوله طوقه وأرضين بفتح الراء وقد تسكن ولتطويقه معنيان أحدهما أن يكلف ثقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر في حديث الطبراني وغيره ثانيهما أن نخسف به الأرض المغصوبة كما في الحديث الآخر فتصير في عنقه كالطوق ويطول عنقه حتى يسع ذلك كما في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه. قوله:(فقال مروان: لا أسألك بينة بعد هذا) أي لأن القصد من البينة ما يغلب به الظن في صدق دعوى صاحبها وهذا الحديث إذا كان عند مثل سعد أقوى في إفادة الظن بصدقه فيما قال من البينة. قوله:(اللهم إن كانت كاذبة الخ) دعاؤه عليها بعد أن ترك لها ما ادعته كما تقدم وإنما دعا عليها بما ذكر لأنها نسبته إلى الظلم في غصب الأرض المبتني على حبه لها وقد جاء في الحديث حبك للشيء يعمي ويصم فلما نسبته إلى ما يقتضي عمى البصيرة وصممها دعا عليها بعمى البصر وإنما لم يدع عليها بعمى البصيرة إسقاطاً لبعض حقه ولما كان طمعها دعاها إلى الدعوة الكاذبة في تلك الأرض فدعا بأن تكون تلك الأرض محل حتفها لتكون
كالباحث عن حتفه بظلفه والله أعلم، وتبين حينئذٍ أن دعاءه عليها بجزاء ما وقع منها كما سبق نظيره في دعوات سعد