إني لأسْتَغْفِرُ اللهَ عَز وجل كل يَوْمٍ مائَةَ مرَّةٍ".
قلت: الذرَب بفتح الذال المعجمة والراء، قال أبو زيد وغيره من أهل اللغة: هو فحش اللسان.
ــ
كيف يغيب عن فهمك الاستغفار وكان ينبغي أن تستحضره وتعلم أن من لزمه أذهب الله عنه فحش لسانه ولا منافاة بين ملازمة الاستغفار لذي البذاءة والاستحلال ممن آذاه بلسانه فإنه مع الاستحلال لا يستغني عن الاستغفار لحق الله سبحانه فيجمع بين الأمرين: الاستحلال والاستغفار ليؤدي الحقين. قوله:(إني) أي مع جلالة قدري وعصمة أمري. قوله:(لأستغفر الله في اليوم سبعمائة مرة) أي لأمتي أو لتقصيري في عبادتي أو لغفلتي عن حقيقتي أو لقناعتي بمرتبتي في الحال وعدم الاستزادة في العلم وقرب المتعال فإنه لا نهاية لغايتها عند أرباب الكمال أو لتنزلي عن مرتبة العين إلى مرتبة الغين وما يحصل في البين فبين أنواع استغفار الأبرار والاستغفار الصادر من الفجاريون عند ذوي البصيرة والأبصار، والمراد بالمائة الكثرة لأن حال السالك في ميدان المحاربة بين الحضور والغيبة متردد بين الفرة والكرة إنما الاختلاف في الغلبة كذا في الحرز وفي الفتح للحافظ أجوبة أخر منها قول ابن الجوزي هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد ومنها قول ابن بطال الأنبياء أشد النّاس اجتهاداً في العبادة لما أعطاهم الله من المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير اهـ، ومحصل جوابه أن الاستغفار من التقصير من أداء الحق الذي يجب الله تعالى ويحتمل أن يكون الاستغفار لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو نحو ذلك بالنسبة إلى المقام العلي وهو الحضور في حظيرة القدس ومنها أن استغفاره تشريع لأمته وقال الغزالي: كان -صلى الله عليه وسلم- دائم الترقي فإذا ارتقى إلى حال رأى ما قبلها ذنباً فاستغفر من الحال السابقة وقال السهرودي لما كان روح النبي ولا ريب أن حركة الروح والقلب أسرع من نهضة النفس فكانت خطى النفس تقصر عن مداهما في العروج فاقتضت الحكمة إبطاء حركة القلب لئلا تنقطع علاقة النفس عنه فيبقى العباد محرومين وكان -صلى الله عليه وسلم- يفزع إلى