للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روينا في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النّاس إذا رأوْا أوَّل الثمر جاؤوا به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أخذه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في ثَمرنا، وبارِكْ لنا في مَدِينَتِنا، وبارِك لنا في صاعِنا، وبارِك لنا في مُدِّنا،

ــ

ابن السني في الباب الشامل لباكورة كل الثمار.

قوله: (روينا في صحيح مسلم) وكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن السني في عمل اليوم والليلة. قوله: (كان النّاس إذا رأوا أول التمر جاءوا به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-) قال العلماء كانوا يفعلون ذلك رغبة في دعائه في التمر والمدينة والصاع والمد وإعلاماً له -صلى الله عليه وسلم- بابتداء صلاحها لما يتعلق بها من

الزكاة وغيرها وتوجيه الخارص كذا قال المصنف في شرح مسلم وهو يقتضي أنه التمر بالمثناة إذ الذي تجب فيه الزكاة من ثمر المدينة يومئذٍ ويتوجه له الخارص هو التمر لا غير وضبطه بعض شراح الشمائل بالمثلثة والميم المفتوحتين وظاهر أن المراد منه تمر النخل لأنه الذي كان حينئذ بالمدينة والباء في به للتعدية وفي الحديث أنه يستحب الإتيان بالباكورة لأكبر القوم علماً وعملاً. قوله: (اللهم بارك بنا في تمرنا) أي بالنمو والحفظ من الآفات. قوله: (وبارك لنا في مدينتنا) أي بكثرة الأرزاق وبقائها على أصلها وإقامة شعائر الإسلام فيها وإظهاره على غاية لا توجد في غيرها. قوله: (في صاعنا وبارك لنا في مدنا) بضم الميم وتشديد المهملة قال القاضي عياض: يحتمل أن تكون هذه البركة دنيوية بحيث يكفي المكيال فيها من لا يكفيهم إضعافه في غيرها وقد استجاب الله دعاءه -صلى الله عليه وسلم- كما هو محسوس فالبركة بمعنى الزيادة في نفس مكيالها ويحتمل أنها آثاره الدينية بمعنى دوام أحكامه المتعلقة به في نحو الزكاة والكفارة فتكون البركة بمعنى الثبات والبقاء لها كبقاء الحكم ببقاء الشريعة ودوامها ويجوز أن يراد بالبركة في الكيل البركة في التصرف به بنحو تجارة حتى يزداد الربح ويتسع عيش أهلها أو إلى كثرة ما يكال بها من غلات المدينة وثمارها ويجوز أن تكون الزيادة فيما يكال بها لاتساع عيشهم وسعته بعد ضيقه لما فتح الله عليهم ووسع من فضله لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>