قصة سعد بن هشام بن عامر لما أراد أن يسأل عن وِتْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتى ابنَ عباس يسأله عن ذلك، فقال ابنُ عباس: ألا أدلُّكَ على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: من؟ قال: عائشة فأتِها فاسْألها ... " وذكر الحديث.
وروينا في "صحيح البخاري" عن عِمْرانَ بن حِطَّانَ قال: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها عن الحرير، فقالت: ائت ابنَ عباس فاسْأَلْهُ، فقال: سل ابنَ عمر، فسألتُ ابنَ عمر، فقال: أخبرني أبو حفص -يعني عمرَ بنَ الخطاب -رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ في الدُّنْيا مَنْ لاَ خَلاَقَ لهُ في الآخِرَةِ".
قلت: لا خلاق: أي لا نصيب. والأحاديث الصحيحة بنحو هذا كثيرة مشهورة.
ــ
والمفتي إذا طلب منه ما يعلمه عند من هو أجل منه أن يرشده إليه، وإن لم يعرفه قال: سل عنه فلاناً. قوله:(سعد بن هشام بن عامر) الأنصاري يروي عن أبيه وعائشة وروي عنه زرارة بن أوفى والحسن وحميد بن هلال استشهد بمكران خرج عنه الستة كذا في الكاشف. قوله:(ألا أدلك على أعلم أهل الأرض الخ) قال المصنف فيه أنه يستحب للعالم إذا سئل عن شيء ويعرف أن غيره أعلم منه أن يرشد إليه السائل فإن الدين النصيحة ويتضمن مع ذلك الإنصاف والاعتراف بالفضل لأهله والتواضع اهـ. قوله:(عن عمران بن حطان) هو بكسر المهملة الأولى وتشديد الثانية وعمران يروي عن عمر وأبي موسى وجمع وعنه قتادة ومحارب بن دثار وعدة وثق وكان خارجياً مدح ابن ملجم روى عنه البخاري وأبو داود والنسائي كذا في الكاشف. قوله:(من لا خلاق له في الآخرة) قال الكرماني: أي لا نصيب له فيها يعني الكافر وقيل: من لا حرمة له اهـ، فإن قلت أحاديث الباب فيها دلالة العالم العارف بالمسألة للسائل على من هو أعلم منه بذلك والترجمة معقودة لدلالة من لا يعلم على من يعلم قلت: هي دالة على ما في الترجمة بالطريق الأولى لأنه إذا كان العالم مع علمه يدل على من هو أعلم به منه فدلالة من لا علم عنده على العالم به من باب أولى وهذا هو الأولى وقد تقدم في أول الباب جواز افتاء المفضول وتدريسه مع وجود الأفضل.