فصل: ينبغي لمن خاصمه غيرُه أو نازعه في أمر فقال له: اتَّقِ الله تعالى، أو خَفِ الله تعالى أو راقب الله، أو اعلم أن الله تعالى مطلع عليك، أو اعلم أن ما تقوله يكتب عليك وتحاسب عليه، أو قال له: قال الله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا}[آل عمران: ٣٠]، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة: ٢٨١] أو نحو ذلك من الآيات، وما أشبه ذلك من الألفاظ، أن يتأدَّب ويقول: سمعاً وطاعةً، أو أسأل الله تعالى التوفيقَ لذلك أو أسأل
الله الكريمَ لطفَه، ثم يتلطَّفُ في مخاطبة من قال له ذلك، وليحذرْ كل الحذر مِنْ تساهله عند
ــ
وأطعنا اهـ.
فصل
قوله:(راقب الله) أي اعمل عمل من يرى أن ربه ناظر إليه ومن كان من أهل ذلك الشهود منعه ذلك العصيان بحول الله وبه المستعان. قوله:(أو اعلم أن الله مطلع عليك) اعلم بصيغة الأمر خطاباً للخصم قال تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} فإذا كان كذلك فليحذر من وبال العصيان والمخالفة. قوله:(اعلم أن ما نقوله يكتب عليك وتحاسب عليه) قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ثم إن نوقش الإنسان الحساب هلك وإن تداركه ربه برحمته أدخله في جنته. قوله:(من الآيات) أي الدالة على الحساب في المآب والجزاء بالأعمال الحسنة والسيئة مثلاً بمثل وكما قيل: النّاس مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر نعم إن تفضل المنان عفا عن السيئات وتفضل بالإحسان. قوله:(إن يتأدب) أي بأن يأتي بما
يدل على انقياده لحكم الله وإيمانه بذلك وتسليمه لما هنالك ويسأل التوفيق للقيام بحق هذه المسالك. قوله:(أو أسأل الله الكريم لطفه) أي إرادته الخير بنا في المآل وإسباغ الفضل علينا في كل حال فعند ذلك يظفر العبد بأسنى الأحوال. قوله:(وينبغي أن يتلطف في مخاطبة من قال له ذلك) أي يتلطف معه بالقول أو بالفعل وفي النهر لأبي حيان وقف يهودي لهارون الرشيد فقال: اتق الله يا أمير المؤمنين فنزل عن دابته وخر