للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حقِّ كبار المراتب، وتوهُّمِهم أن ذلك حياءٌ، فخطأٌ صريح، وجهل قبيح، فإن ذلك ليس بحياءٍ، وإنما هو خَوَرٌ ومَهانة وضَعفٌ

وعجز، فإن الحياءَ خير كلُّه، والحياءُ لا يأتي إلا بخير، وهذا يأتي بشرٍّ، فليس بحياءٍ، وإنما الحياء عند العلماء

ــ

{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: ٢٠] فرجع وقال: كل النّاس أفقه منك يا عمر وعما أراد من رجم تلك المرأة التي جاءت بالولد لستة أشهر فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الله تعالى يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} وقال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} والباقي من الثلاثين ستة أشهر وهي زمن الحمل أي أقل مدته فرجع عما أراد. قوله: (في حق كبار المراتب) أي لعلم أو سن أو ولاية. قوله: (إن ذلك) أي إهمال وعظهم وترك تذكيرهم. قوله: (فخطأ صريح) أي لما فيه من ترك الأمر بالمعروف تارة وعدم النهي عن المنكر أخرى. قوله: (وإنما هو خور) بفتح الخاء المعجمة والواو أي ضعف في قوى النفس قال في النهاية خار يخور إذا ضعفت قوته ووهت. قوله: (ومهانة) أي لنفسه عن إقامتها في هذا المقام السني. قوله: (وضعف) بفتح الضاد المعجمة وضمها لغتان مشهورتان وعطف الضعف على الخور كالعطف التفسيري والعجز عدم القدرة زاد في شرح مسلم على قوله هنا وضعف وعجز ما لفظه

وتسمية ذلك حياء من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياء الحقيقي اهـ. قوله: (فإن الحياء خير كله) أي لحسن ثمرته من القيام بالأوامر واجتناب النواهي. قوله: (والحياء لا يأتي إلا بخير) هذا حديث رواه مسلم. قوله: (وهذا) أي احتشام الكبير وعدم نهيه عما يتعاطاه من المنكر ويتساهل فيه من عدم فعل المعروف: (يأتي بشر) أي وقوع فيما نهى الله عنه وترك ما أمر الله أن يفعل فليس إذا هو بحياء لانتفاء ثمرة الحياء وهذا مأخوذ من جواب ابن الصلاح وغيره عما أورده على حديث الحياء لا يأتي إلا بخير وحديث الحياء خير كله نقله المصنف في شرح مسلم وحاصل

<<  <  ج: ص:  >  >>