رؤية الآلاء، ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى حياء.
وقد أوضحت هذا مبسوطاً في أول "شرح صحيح مسلم"، ولله الحمد، والله أعلم.
ــ
عليها يحمل على المكتسب أي وهو ما أشار إليه الجنيد ويعين عليه ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحياء لا يأتي إلا بخير" أي لأن من استحى من النّاس أن يروه يأتي بقبيح عادة دعاه ذلك إلى أن يكون أشد حياء من ربه وخالقه سبحانه فلا يضيع فريضة ولا يرتكب معصية. قوله:(رؤية الآلاء ورؤية التقصير) أي رؤية العبد آلاء ربه أي نظر واحدها إلي كمعي مع رؤيته تقصيره في القيام بحق شكرها يتولد عنها حالة تبعثه على ترك كل قبيح وأداء الحق
لذي الحق حسب القدرة والطافة فذاك التعريف كالمتفرع على هذا التعريف المبني عليه فلذا كان بمعناه ولم يكن هواياه والله أعلم وقيل: إنه غيره لأنه على ذلك التعريف يكون من الجبليات التي ليست في الوسع بخلافه على الثاني والأصح إن أصل الحياء جبلي وتمامه مكتسب كما أفاده بعض الأحاديث من معرفة الله تعالى ومعرفة عظمته وقربه من عباده وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور وهذا هو الذي كلفنا به وهو من أعلى خصال الإيمان بل من أعلى درجات الإحسان وفي يتولد الحياء من الله تعالى من مطالعة نعمه ورؤية التقصير في شكرها كما أشار إليه الجنيد وأول الحياء وأولاه الحياء من الله سبحانه بأن لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك من حيث أمرك وكماله إنما ينشأ عن معرفته تعالى ومراقبته المعبر عنها بقوله: إن تعبد الله كأنك تراه الخ وأهل المعرفة يتفاوتون في هذا الحياء بحسب تفاوت أحوالهم وقد جمع الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- كمال نوعي الحياء فكان في الحياء الغريزي أشد حياء من العذراء في خدرها وفي الكسبي وأصلاً إلى أعلى غايته ودروتها. قوله:(وقد أوضحت هذا مبسوطاً في أول شرح مسلم) أي في كتاب الإيمان منه وقد نقلنا ما زاد هناك في أثناء كلامه هنا والله الموفق.