للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنه قال: قلت: يا رسول الله منَّا رجال يتطيرون، قال: "ذلكَ شَيءٌ يَجِدُونَه في صُدُورِهِمْ، فَلا يَصُدَّنَّهُمْ".

ــ

وبعدها تحتية فهاء تأنيث والحكم بفتح المهملة والكاف والسلمي بضم السين المهملة سكن معاوية المدينة قال المصنف في التهذيب: روى معاوية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة عشر حديثاً خرج عنه مسلم هذا الحديث وهو يجمع أحاديث اقتصر هنا على بعضه وخرج له داود والنسائي روى عنه أبو سلمة وعطاء بن يسار. قوله: (يتطيرون) قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: الفرق بين التطير والطيرة إن التطير هو الظن السيئ الذي يقع في النفس والطيرة هي الفعل المرتب على الظن السيئ قال: وإنما حرم التطير والطيرة لأنهما من باب سوء الظن بالله تعالى وحسن الفأل لأنه من باب حسن الظن بالله تعالى وقد قال تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" وفي رواية: "فليظن بي خيراً" قال: وسأل رجل بعض العلماء فقال: إني إن ظننت الخير وقع لي وإن ظننت الشر حل بي هل يشهد لك شيء من الشريعة قال: نعم، قوله -صلى الله عليه وسلم- حكايته عن الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي وليظن بي خيراً ما شاء" وفي رواية مرقاة الصعود نقلاً عن صاحب النهاية: إنما أحب -صلى الله عليه وسلم- الفأل لأن النّاس إذا أملوا فائدة الله ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوي فهم على خير ولو غلطوا في جهة الرجاء فإن الرجاء خير لهم فإذا قطعوا أملهم ورجاءهم من الله كان ذلك من الشر وأما الطيرة فإن فيها سوء الظن بالله وتوقع البلاء اهـ. قوله: (ذلك الشيء يجدونه في صدورهم فلا يصدهم) قال الخطابي: يريد أن ذلك شيء يوجد في النفوس البشرية ويعتري الإنسان من قبل الظنون والأوهام من غير أن يكون له تأثير من جهة الطباع أو يكون فيه ضرر كما كان يزعمه أهل الجاهلية وقال المصنف في شرح مسلم: هذا الحديث أن الطيرة تجدونها في نفوسكم ضرورة فلا عيب عليكم في ذلك فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به ولكن لا تمتنعوا بسببه عن التصرف في أموركم فهذا هو الذي تقدرون عليه وهو مكتسب لكم فيقع به التكليف فنهاهم عن العمل بالطيرة والامتناع من تصرفاتهم بسببها وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في النهي عن التطير والطيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>