للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركون النفوس إلى ما يقوله من العلوم، وهذه مفاسد ظاهرة، فينبغي له اجتناب أفرادها، فكيف بمجموعها؟ فإن احتاج إلى شيء من ذلك وكان محقاً في نفس الأمر لم يظهره، فإن أظهره أو ظهر أو رأى المصلحة في إظهاره ليعلم جوازه وحكم الشرع فيه، فينبغي أن يقول: هذا الذي فعلتُه ليس بحرام، أو إنما فعلتُه لتعلموا أنه ليس بحرام إذا كان على هذا الوجه الذي فعلته، وهو كذا وكذا، ودليله كذا وكذا.

روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام على المنبر، فكبَّرَ

ــ

(ركون القلوب) أي استنادها واعتمادها. قوله: (اجتناب أفرادها) أي باجتناب ما يدعو إليها من الأفعال الردية وإن كان لها عنده محامل رضية إلا لحاجة تدعوه لذلك وتلجئه إليه. قوله: (لم يظهره) أي ما ذكر من الفعل الذي ظاهره معترض وله فيه محمل مرضي خشية من حصول

الضرر المذكور على ذلك. قوله: (فإن أظهره) أي قصداً. قوله: (أو ظهر) أي من غير قصده (أو رأى المصلحة في إظهاره) أي أو لم يظهره ولا ظهر ولكن رأى نحو العالم المصلحة في ظهوره بأن كل من الأحكام التي لا يعرفها إلا قليل وخشي جهل الباقين لها فيظهر أنه فعل ذلك ويبين حكمه ليعلم كان يطوف إنسان راكباً على دابة بقصد بيان جواز ذلك وإنه لا كراهة فيه فضلاً عن حرمته ومن عبر بكراهة ذلك أراد بها ما يسميها المتأخرون بخلاف الأولى.

قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) وأخرجه أبو داود والنسائي كما في مختصر جامع الأصول. قوله: (قام على المنبر) قال العلماء: المنبر بكسر الميم وسكون النون وفتح الموحدة مأخوذ من المنبر وهو الارتفاع وكان المنبر الذي صنع له -صلى الله عليه وسلم- ثلاث درجات كما صرح به مسلم في روايته وصلاته هذه بعد خطبته كما في تحفة القارئ والإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>