للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخِبْرته وحِذْقه ونصيحته وورَعه وشفقته. ويستحبُّ أن يشاور جماعة بالصفة المذكورة ويستكثر منهم، ويعرفهم مقصوده من ذلك الأمر، ويبين لهم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئاً من ذلك، ويتأكدُ الأمر بالمشاورة في حق وُلاة الأمور العامة، كالسلطان، والقاضي، ونحوهما، والأحاديث الصحيحة في مشاورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصحابَه ورجوعَه إلى أقوالهم كثيرة مشهورة،

ــ

قوله: (وخبرته) بضم المعجمة وسكون الموحدة أي معرفته لبواطن الأمور إذ من لا معرفة له بالشيء لا يظهر خيره من غيره. قوله: (وصدقه) أي في نفسه فإن من كان بخلاف ذلك ربما حمله طلب استمالة الخواطر إلى الإشارة بما الخير في نفس الأمر بخلافه. قوله: (ونصيحته) أي لمن استشار مطلقاً أوله بخصوصه والأول أكمل فإن من يوثق بنصيحته النفس لقوله أسكن. قوله: (وورعه) أي ليمنعه الورع من الإشارة بخلاف ما يتبع. قوله: (وشفقته) أي على جميع الخلق أو عليه بخصوصه والأول أكمل لكون شفقة أشمل. قوله: (ويستحب أن يشاور جماعة) أي ليقوي سكون قلبه لذلك الفعل لما اتفق عليه القوم من الإشارة به وإذا اختلف المشيرون عليه قدم رأي ذي الدين والورع والنصح الخير على غيره. قوله: (ويبين لهم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئاً من ذلك) أي ليزداد الخبير بها بذكر ذلك معرفة إلى معرفته وتحصل به الخبرة لغيره. قوله: (ويتأكد الأمر بالمشاورة في حق ولاة الأمور) أي لأن أمورهم تعود على العباد صلاحاً وفساداً. قوله: (والأحاديث الصحيحة في مشاورات عمر بن الخطاب أصحابه ورجوعه إلى قولهم كثيرة مشهورة) من ذلك ما في صحيح البخاري لما أراد الذهاب إلى الشام فأخبر بالوباء فاستشار الصحابة في القدوم إلى الشام مع الوباء والرجوع عنها لذلك فأشار الأكثرون بالعود فعاد ثم جاء عبد الرحمن بن عوف وروى في ذلك خبراً مرفوعاً

<<  <  ج: ص:  >  >>