للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أصحاب الحقوق والمستوفين لها ما

لم تكن شفاعةً في حدٍّ أو شفاعةً في أمر لا يجوز تركه، كالشفاعة إلى ناظر على طفل، أو مجنون، أو وقف أو نحو ذلك في ترك بعض الحقوق التي في ولايته، فهذه كلها شفاعة محرَّمة تحرم على الشافع ويحرم على المشفوع إليه قبولها، ويحرم على غيرهما السعي فيها إذا علمها، ودلائل جميع ما ذكرته ظاهرة في الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة، قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ

ــ

-صلى الله عليه وسلم- يقول: مع كمال تواضعه وقربه من النّاس قويهم والضعيف وعدم احتجابه منهم أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها اهـ. قوله: (من أصحاب الحقوق) أي ممن له حق على غيره بأن جنى غيره على نفسه بما يؤدي إلى هلاكها أو على عضوه بأن قطع نحو يده أو تعدى

على عرضه بأن قذفه بالسوء فينبغي أن يشفع عند صاحب الحق في جميع ما ذكر ونحوه في إسقاطه. قوله: (والمستوفي لها) أي الحقوق ممن أقيم لذلك وهو داخل في ولاة الأمور. قوله: (ما لم تكن شفاعة في حد) أي بعد روفعه للحاكم وثبوته عنده فلا تجوز الشفاعة في ذلك لأن الله أولى بالعباد وقد شرع الحدود لمن فيها من مصالح العباد وقطع دائرة الفساد والعناد ولا تنبغي الشفاعة بعد وصولها لمحلها قال تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} أما قبل الرفع إلى الحاكم فاختار أكثر العلماء الشفاعة فيها إلا إن كان ممن يعظم ضرره ويكثر شره بأن يجاهر بذلك واشتهر بالتعرض له فلا تنبغي الشفاعة فيه بل ينبغي رفع ذلك إلى الحاكم ليزجر أولئك الفجرة الطعام. قوله: (أو شفاعة في أمر لا يجوز تركه الخ) كان يشفع في تنقيص أجرة نحو دار عن أجرة المثل في مال صبي أو نحو ذلك أو عن شرط الواقف في وقفه. قوله: (فهذه كلها شفاعة محرمة) أي لأنها وسيلة لمحرم وللوسائل حكم المقاصد. قوله: (ويحرم على المشفوع إليه قبولها) أي لما فيه من إعانته على العصيان فإن الشافع إذا علم أنه يقبل في ذلك المحرم جره إلى الوقوع ففي قبوله منه إعانة على ذلك وحض على الوقوع فيه وفي عدم القبول زجر عن ذلك. قوله: (من يشفع شفاعة حسخة) أي كأن راعى بها حق مسلم ودفع

<<  <  ج: ص:  >  >>