للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي -صلى الله عليه وسلم- لقيه وهو جُنُب، فانسلَّ فذهب فاغتسل، فتفقَّدَه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما جاء قال: "أيْنَ كنْتَ يا أبا هُرَيْرَةَ؟ " قال: يا رسول الله لقيتَني وأنا جنب فكرهت أن أُجالسَك حتى أغتسل، فقال: "سُبْحانَ الله إنّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ".

ــ

لكن ليس فيه قوله سبحان الله. قوله: (جنب) هو بضمتين لفظ يستوي فيه الواحد وغيره قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} والجنابة في الأصل البعد وسمي الشخص جنباً لأنه نهى أن يقرب الصلاة ما لم يتطهر. قوله:

(فانسل) من النسلان وهو كما في النهاية الإسراع في المشي ووجه الإتيان بضمير الغائب في هذه الأفعال كونه نقلاً لكلام أبي هريرة بالمعنى ويجوز أن يكون صدر ذلك منه بأن يجعل نفسه غائباً ويحكي عنها ومثله يسمى بالتجريد يعني جرد من نفسه شخصاً وأخبر عنه وعلى هذا يكون النقل لعينه بلفظه أيضاً أشار إليه الكرماني. قوله: (يا أبا هريرة) قال الكرماني بحذف الألف من الأب تخفيفاً. قوله: (سبحان الله) استعمل للتعجب ومعنى التعجب هنا كيف يخفى مثل هذا الظاهر عليك وفيه التسبيح عند التعجب من الشيء واستعظامه قال الخطابي في الحديث دليل على جواز تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه قال ابن بطال هذا يدل على أن النجاسة إذا لم تكن عيناً في الأجسام فإن المؤمن حينئذٍ طاهر لما المؤمن عليه من التطهر والنظافة لأعضائه بخلاف ما عليه المشرك من ترك التحفظ من النجاسة والقذر فحملت كل طائفة على خلقها وعادتها قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} تغليباً للحال وقد قيل في الآية: إنه ليس بمعنى نجاسة الأعضاء بل بمعنى نجاسة الأفعال والكراهة لهم وإبعادهم عما قدس الله تعالى من بقعة أو كتاب أو رجل صالح ولا خلاف بين الفقهاء في طهارة عرق الجنب قيل: لما أباح الله نكاح نساء أهل الكتاب ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من ضاجعهن ولا غسل عليه من الكتابية إلا كما عليه من المسلمة دل على أن ابن آدم ليس بنجس في ذاته ما لم تعرض له نجاسة تحل به قال المصنف: هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حياً وميتاً أما الحي

<<  <  ج: ص:  >  >>