للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"لَقَدْ سألْتَ عَنْ عَظِيم، وإنَّه لَيَسِيرٌ على مَنْ يَسَّرَه الله تَعالى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ الله لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصلاةَ، وتُؤْتَي الزكاةَ، وتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ، ثم قال: ألا أدُلُّكَ

ــ

على صيغة المفاعلة مبالغة في البعد. قوله: (وإنه ليسير) أتى بهذه الجملة بعد ما قبلها للإعلام بأنه ليس القصد من تلك استعظام الجزاء ونتيجة العمل بل هو في نفسه لما سبق من وجهيه والذي سهل عليه هو من وفقه الله سبحانه للقيام بالطاعة على ما ينبغي وشرح صدره إلى السعي فيما يكمل له القربة والقرب من ربه. قوله: (تعبد الله الخ) تفسير للعظيم المسؤول عنه وعدل إليه عن صيغة الأمر تنبيهاً على أن المأمور كأنه يسارع إلى الامتثال فهو مخبر عنه إظهاراً للرغبة في وقوعه وقوله: تعبد الله أي توحده وقيل: معناه تأتي بجميع عباداته وقوله: لا تشرك بي شيئاً في محل الحال من الفاعل. قوله: (وتقيم الصلاة) أي تعدل أركانها

وتحفظها عن أن يقع زيغ في أفعالها من أقام العود إذا قومه أو تواظب عليها من قامت السوق إذا نفقت وأقمتها جعلتها نافقة أو تشمر لأدائها من غير فتور من قام بالأمر وأقامه إذا جد فيه وتجلد أو تؤديها عبر عن الأداء بالإقامة لاشتمال الصلاة على القيام كما عبر عنها بالقنوت والركوع والسجود والتسبيح فعلى الأول: استعارة تبعية شبه تعديل أركانها بتقويم الرجل العود واستعير له الإقامة ثم اشتق منه الفعل، وعلى الثاني: كناية عن الدوام، وعلى الثالث: مجار في الإسناد بمعنى تجعلها قائمة فيفيد التشمير، وعلى الرابع: كذلك إذ المعنى توجد قيامها فيكون من إطلاق الجزء وإرادة الكل. قوله: (وتؤتي الزكاة) الإيتاء الإعطاء. قوله: (وتحج البيت) أي إن استطعت إليه سبيلاً فالمطلق محمول على المقيد وحذف لعلم المخاطب به فعلم أن دخول الجنة يتوقف على تلك الأعمال والحكم ليس مقصوراً على معاذ بن جبل بل يعم كل مؤمن إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله: (ثم قال) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فراغه من جواب سؤال معاذ مستطرداً أمر النوافل لتكميل الفرائض (ألا أدلك الخ) وهذا عرض أي

<<  <  ج: ص:  >  >>