للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتى بلغ {يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٦]، ثم قال: "ألا أُخْبِرُكَ بِرأس الأمْرِ، وَعَمودِهِ، وَذِرْوَةِ سنامِهِ؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: "رأسُ الأمْرِ الإسلامُ، وَعَمُودُه الصلاة، وَذِرْوَةُ سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك

ــ

قوله: (ثم تلا) أي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (تتجافى) أي تتنحى وتبتعد (جنوبهم عن المضاجع) أي مواضع الهجوع وهي كناية عن التجهد كما قاله الجمهور وهو الذي يدل عليه سياق الحديث بل والآية حيث قال: {فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} الخ على إنهم لما أخفوا عملهم جوزوا بما أخفى لهم من قرة الأعين وإنما يتم إخفاؤه بالصلاة في جوف الليل المصرح به في هذا الحديث لأن المصلي حينئذٍ ترك نومه ولذته وآثر ما يرجوه من ربه عليهما فحق له أن يجازي ذلك الجزاء العظيم وقد جاء أن الله تعالى يباهي بقوام الليل في الظلام الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي قد قاموا في ظلم الليل حيث لا يراهم غيري أشهدكم إني قد أبحتهم كرامتي وقوله: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} أي يعبدونه {خَوْفًا} من سخطه {وَطَمَعًا} في رحمته {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} في وجوه الخير {فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ} لا ملك مقرب ولا نبي مرسل {مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} أي ما تقر به عيونهم سروراً من الثواب {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي جزوا جزاء وأخفى الجزاء، وقال الراوي (حتى بلغ) أي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يعملون) للاختصار وجعلت هذه الأشياء أبواباً للخير لما تقدم ولأن من اعتادها مع شدتها يسهل عليه كل خير ولأن العمل إما بدني أو مالي فالصدقة مالية والصلاة والصوم بدنيان نهاري وليلي. قوله: (برأس الأمر) أي الدين وفيه وما بعده من الأوصاف التشويق المرة بعد المرة تحريضاً عليه. قوله: (وعموده) مادة ع م

د للاستناد والقصد ومنه الاعتماد والعمد والقصد عمد إذ المقاصد متوكل على المقصود جزماً والعمود من حيث يعتمد عليه الخيمة ويستعمل مجازاً في كل ما يتخذه الإنسان من أي نوع كان. قوله: (وذروة سنامه الجهاد) إذ به الذب عن الدين ودفع غوائل المشركين فيكون من أعلى شعبه والحديث هكذا في نسخ الأذكار كما

<<  <  ج: ص:  >  >>