للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكرته لأبينه لكونه مشهوراً، والأحاديث الصحيحة بنحو ما ذكرته كثيرة، وفيما أشرت به كفاية لمن وفق، وسيأتي إن شاء الله في "باب الغيبة" جمل من ذلك، وبالله التوفيق.

وأما الآثار عن السلف وغيرهم في هذا الباب

ــ

وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من الخطأ والكذب والنميمة والغيبة والرياء والسمعة والنفاق والفحش والمراء وتزكية النفس والخوض في الباطل وغيرها ومع ذلك فالنفس مائلة إليها لأنها سباقه إلى اللسان لا تثقل عليه ولها حلاوة في النفس وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان والخائض فيها قلما يقدر على أن يزم اللسان فيطلقه بما يحب ويكفه عما لا يحب ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار والفراغة للفكر والعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في العقبى قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ويدلك على لزوم الصمت أمر هو أن الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم فيه ضرر ومنفعة، وقسم لا ضرر فيه ولا منفعة، أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه وكذا

ما فيه ضرر ونفع لا يفي بالضرر أما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول والاشتغال به تضييع الوقت وهو عين الخسران فلم يبق إلا القسم الرابع وفيه خطر إذ قد يمتزج به ما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبة ونحو ذلك امتزاجاً يخفي مدركه فيكون الإنسان مخاطراً اهـ، وحاصله أن آفات اللسان محصورة وفي الصمت سلامة منها وقد قيل: اللسان جرمه صغير وجرمه كبير وكثير. قوله: (لا يبينه) أي ضعف إسناده. قوله: (لمن وفق) بضم الواو وشدة الفاء وبالقاف آخره مبني للمجهول ولو قريء البناء للمعلوم صح وكان العائد ضميراً منصوباً محذوفاً أي لمن وفقه الله.

قوله: (وأما الآثار) الأثر يطلق مرادفاً للخبر والحديث بمعنى ما أضيف إليه -صلى الله عليه وسلم- أو إلى من دونه من قول أو فعل أو نحوه ويطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>