للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمعت أبا علي الدقاق رضي الله عنه يقول: من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس. قال: فأما إيثار أصحاب المجاهدة السكوت، فلما عَلِموا ما في الكلام من الآفات، ثم ما فيه من حظّ النفس وإظهار صفات المدح، والميل إلى أن يتميز بين أشكاله بحسن النطق وغير هذا من الآفات، وذلك نعت أرباب الرياضة، وهو أحد أركانهم في حكم المنازلة وتهذيب الخُلُق.

ومما أنشدوه في هذا الباب:

ــ

علي الدقاق متصل بالكلام الذي نقله عن القشيري قبله فيها. قوله: (من سكت عن الحق) أي من أمر بمعروف أو نهي عن منكر. قوله: (فهو شيطان أخرس) أي كشيطان أخرس فهو تشبيه بليغ والجامع أن الشيطان يوسوس بالباطل ويسكت عن الحق فلما سكت من ذكر عن الحق أشبهه. قوله: (قال) أي القشيري وأتى به لئلا يتوهم إن ما بعده من كلام أبي علي. قوله: (علموا ما في الكلام من الآفات) أي وهي كثيرة عد منها جانباً كثيراً في الإحياء وقد أشرنا إلى نقل بعضه في حديث من صمت نجا. قوله: (ثم ما فيه) أي ثم علموا ما فيه. قوله: (وذلك) أي السكوت لما في الكلام من تلك الآفات أي وصف أرباب الرياضة. قوله: (وهو أحد أركانهم في حكم المنازلة) هي من المقامات وتهذيب الأخلاق قال الشيخ زكريا ويدل لذلك الخبر الصحيح إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالاً يهوي بها في نار جهنم وقد قال أبو بكر الصديق لعمر رضي الله عنهما لما رآه آخذاً بلسانه وقال له عمر: مه غفر الله لك: هذا الذي أوردني الموارد ورؤي ابن عباس آخذاً بثمرة لسانه يقول: قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم فحفظ اللسان من أهم الأمور لأنه ترجمان ما في القلب وسلامته من الزلل تستلزم تثبته بقلبه وينبغي التحفظ أيضاً مما يقوم مقام اللسان من إشارة وكتابة وغيرهما فكم من ساكت هو متكلم اهـ. قوله: (ومما أنشدوه الخ)

<<  <  ج: ص:  >  >>