محرَّمة، ومن ذلك المحاكاة، بأن يمشي متعارجاً أو مطأطئاً أو على غير ذلك من الهيئات، مريداً حكايته هيئة من يتنقَّصه بذلك، فكل ذلك حرام بلا خلاف، ومن ذلك إذا ذَكَرَ مُصَنِّفُ كتابٍ شخصاً بعينه في كتابه قائلاً: قال فلان كذا مريداً تنقُّصه والشناعة عليه فهو حرام، فإن أراد بيان غَلَطِهِ لئلا يقلَّد، أو بيان ضعفه في العلم لئلا يغترَّ به ويقبل قوله، فهذا ليس غيبةً، بل نصيحةٌ واجبة يثاب عليها إذا أراد ذلك، وكذا إذا قال المصنف أو غيره: قال قوم أو جماعة كذا، أو هذا غلط أو خطأ أو جهالة
ــ
تحرم غيبته. قوله، (بأن يمشي متعارجاً الخ) قال الغزالي: هو أعظم الغيبة أي لأنه أبلغ في التصوير والتفهيم وأنكى للقلب. قوله:(ومن ذلك) أي ذكر الغير بما يكره (إذا ذكر مصنف كتاب الخ). قوله (قال فلان الخ) أي
لكون ذلك القول من الغلط الذي يكره قائله نسبته إليه (فإن أراد بيان غلطه) أي الشخص القائل فالمصدر مضاف للفاعل أو القول فالإضافة بيانية ومحل كونه عند إرادة بيان نحو غلطه لا يكون غيبة إذا كان على وجه النصيحة كما يؤذن به قول المصنف بل نصيحة لا على وجه التنقيص والفضيحة وإلا فيحرم ولو ضم إليه قصد إرادة البيان. قوله:(أو ضعفه) أي ضعف القائل بدليل قوله: لئلا يغتر به ويقبل قوله. قوله:(فهذا ليس بغيبة) أي وإن تأذى به من ذكر عنه لأنه عند عدم قصده إيذاءه انتفى عنه إثمها بل وجب عليه ذلك بذلاً للنصيحة وحفظاً للشريعة فلذا كان مثاباً عليها عند إرادة ذلك. قوله:(وكذا) أي ليس بغيبة (إذا قال المصنف قال قوم الخ) محله ما لم يفهم منه المخاطب معيناً ولو بقرينة خفية ويقصد المتكلم تنقيصه وإلا فيحرم نظير ما يأتي في قول المصنف ومن الغيبة قول فعل بعض النّاس كذا إذا كان المخاطب يفهمه بعينه ويوميء إليه تعليل المصنف بقوله: إنما الغيبة ذكر إنسان بعينه أو جماعة معينين، وقد تقدم أن الذكر لا يشترط اأن يكون بصريح العبارة بل يكفي ما يقوم