للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ألا وَقَوْلُ الزُّورِ، وشهادَةُ الزُّورِ"

فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".

قلت:

ــ

كالعداوة والحسد وغيرهما فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه وليس ذلك لتعظيمه بالنسبة إلى ما ذكر معه من الإشراك قطعاً بل لكون مفسدته متعدية إلى الشاهد وغيره أيضاً بخلاف الإشراك بالله فإن مفسدته قاصرة على الفاعل غالباً وقيل خص شاهد الزور بذلك لأنها تشمل الكافر إذ هو شاهد زور وقيل واستوجهه بعضهم إن سببه أنه يترتب عليها الزنى والقتل وغيرهما فكانت أبلغ ضرراً من هذه الحيثية فنبه على ذلك بجلوسه وتكريره ذلك فيها دون غيرها. قوله: (إلا وقول الزور وشهادة الزور) يحتمل أن يكون من عطف الخاص على العام فإن قول الزور أعم من شهادة الزور ويحتمل أن العطف للتفسير وقال ابن دقيق العيد ينبغي أن يحمل على التأكيد ويجعل من باب العطف التفسيري فإنا لو حملنا القول على إطلاقه لزم كون الكذبة الواحدة مطلقاً كبيرة وليس كذلك قال ولا شك أن عظم الكذب مراتبه متفاوتة بحسب تفاوت مراتبه وقال بعضهم يحتمل أن يكون من عطف العام على

الخاص لأن كل قول زور شهادة زور من غير عكس ويحمل قول الزور على نوع منه وفي النهاية الزور بضم الزاي الكذب والباطل والتهمة وقال الطبري أصل الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل لمن سمعه بخلاف ما هو به وقيل للكذب زور لأنه حائل عن جهته قال القرطبي شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل من إتلاف نفس أو أخذ مال أو تحليل حرام أو تحريم حلال فلا شيء أعظم ضرراً منه ولا أكبر فساداً بعد الشرك بالله ولم يؤخر عنه العقوق لأن العطف بالواو التي لمطلق الجمع وهي لا تدل على الترتيب. قوله: (فما زال يقولها) أي ألا وما بعدها. قوله: (حتى قلنا ليته سكت) تمنوا سكوته شفقة عليه وكراهة لما عجه وخوفاً من أن يجري على لسانه ما يوجب

<<  <  ج: ص:  >  >>