وأنه قال: "لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" وجميع هذه الألفاظ في "صحيحي البخاري ومسلم" بعضها فيهما، وبعضها في أحدهما، وإنما أشرت إليها ولم أذكر طرقها للاختصار.
وروينا في "صحيح مسلم" عن جابر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى حماراً قد وُسِمَ في وجهه فقال: " لَعَن اللهُ الذي وَسَمَهُ".
وفي "الصحيحين" أن ابن عمر رضي الله عنهما مرَّ بفتيان من قريش
ــ
فلا حرج في نبش قبورهم لانتفاء العلتين وبه يعلم أنه لا تعارض بين نبشه قبور الكفار واتخاذ مسجده مكانه وبين لعنه من اتخذ قبور الأنبياء مساجد ثم إن البخاري اقتصر على اليهود في كتاب المساجد وقال في الجنائز وغيرها لعن الله اليهود والنصارى لكن تعليلهم باتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد لا يتأتى في النصارى لأنهم لا يزعمون نبوة عيسى ولا موته حتى يكون له قبر بل يزعمون أنه ابن الله تعالى أو إله أو غير ذلك على اختلاف مللهم الباطلة كذا في تحفة القارئ. قوله:(وأنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء الخ) رواه البخاري ومسلم وقد بينا عقب كل حديث من خرجه منهما أو من أحدهما أو من غيرهما.
قوله:(روينا في صحيح مسلم الخ) ورواه الطبراني مختصراً من حديث جابر لعن الله من يسم في الوجه. قوله:(لعن الله الذي وسمه) قال المصنف في شرح مسلم الوسم في الوجه منهي عنه بالإجماع للحديث أما الآدمي فوسمه حرام مطلقاً لكرامته ولأنه لا حاجة به إليه فلا يجوز تعذيبه وأما غير الآدمي فقال جماعة من أصحابنا إنه يكره وقال البغوي من أصحابنا لا يجوز فأشار إلى تحريمه وهو الأظهر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن فاعله واللعن يقتضي التحريم وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف لكن يستحب في نعم الجزية والزكاة ولا يستحب في غيرهما ولا ينهى عنه قال أهل اللغة الوسم أثر كية يقال بعير موسوم وقد وسمه يسمه وسماً وسمة والميسم الشيء الذي يوسم به وهو بكسر الميم وفتح السين جمعه مياسم ومواسم وأصله كله من السمة وهي العلامة ومنه موسم الحج أي معلم لجمع النّاس اهـ.
قوله:(بفتيان) بكسر الفاء وسكون الفوقية بعدها تحتية