للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شاء قال: مولاي. ويكره للمالك أن يقول: عبدي وأمتي، ولكن يقول: فتاي وفتاتي أو غلامي.

روينا في "صحيحي البخاري ومسلم"

ــ

وأما لفظ المولى والسيد فلا يختصان به تعالى وإنما كره إطلاقه على السيد لأن حقيقة الربوبية لله سبحانه لأن الرب هو المالك والقائم بالشيء ولا يوجد حقيقة هذا إلا في الله تعالى وأما ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: وأن تلد الأمة ربتها فأجيب بأنه محمول على بيان الجواز وأن النهي عن ذلك على سبيل الأدب والتنزيه لا التحريم أو أن النهي إنما هو عن الإكثار من استعمال هذه اللفظة واتخاذها عادة شائعة ولم ينه عن إطلاقها في نادر من الأحوال واختار القاضي عياض هذا الأخير. قوله: (ويكره للمالك) أي تنزيهاً (أن يقول لمملوكه عبدي) وذلك حذراً من إيهام الشركة أي لأن لفظ عبدي وأمتي يشترك فيه الخالق والمخلوق فيقال عبد الله وأمة الله فيكره ذلك للاشتراك ولأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله سبحانه ولأن فيها تعظيماً لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه وقد بين -صلى الله عليه وسلم- العلة في ذلك حيث قال كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله فنهى عن التطاول في اللفظ كما نهى عن التطاول في الأفعال وفي إسبال الإزار وغيره وأما غلامي وجاريتي وفتاتي فليست دالة على الملك كدلالة عبدي مع أنها تطلق على الحر والمملوك وإضافته ليست للملك وإنما هي للاختصاص قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ}، وأما استعمال الجارية في الحرة الصغيرة فمشهور معروفة في استعمال العرب مشهور في الجاهلية والإسلام وأصل الفتوة الشباب وقد تستعمل فيمن كملت فضائله ومكارمه كما جاء لا فتى إلا علي ومنه أخذ الصوفية الفتوة المتعارفة بينهم وأصل مدلول الغلام الصغير إلى أن يبلغ وقد يطلق على الرجل المستحكم القوة قال المصنف والظاهر أن المراد بالنهي في الأحاديث عن استعمال ما ذكر فيها استعماله على جهة التعاظم والارتفاع لا للوصف والتعريف وقال العراقي ينبغي استمرار الكراهة ولو قصد التعريف دون التعاظم لكن إن أمكن التعريف بغيره للاشتراك في اللفظ كما تقدم وإن خلا عن القصد القبيح استعمالاً للأدب في الألفاظ وهذا مقتضى الحديث.

قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال العراقي في شرح التقريب أخرجه الشيخان من هذا الوجه البخاري عن

<<  <  ج: ص:  >  >>