للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: يحرم أن يدعى بالمغفرة ونحوها لمن مات كافراً، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣] وقد جاء الحديث بمعناه، والمسلمون مجمعون عليه.

ــ

فصل

قوله: (لمن مات كافراً) أي كأبي لهب وأبي جهل. قوله: (تعالى ما كان للنبي الخ) أخرج الشيخان من طريق سعيد بن المسيب عن أبيه قال لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزالا يكلمانه حتى كان آخر شيء كلمهم به هو على ملة عبد المطلب فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فنزلت {مَا كَانَ

لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية وأنزل في أبي طالب {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية وظاهر هذا أن الآية مكية وأخرج الترمذي وحسنه الحاكم عن علي قال: سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت له: أتستغفر لأبويك وهما مشركان فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية وأخرج والحاكم والبيهقي في الدلائل وغيرهما عن ابن مسعود قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلاً ثم بكى فبكينا لبكائه فقال: إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل الله ({مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية قال الحافظ ابن حجر يحتمل أن يكون لنزول الآية أسباب متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة وقصة علي وجمع غيره بتعدد النزول. قلت وما ورد في حق آمنة محمول على أول الأمر وإلا فقد جاء في حديث حسن لتعدد طرقه واعتضاد بعضها ببعض أن الله أحيا له أبويه فآمنا به. قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} أي بأن ماتوا على الكفر وفيه دليل على جواز الاستغفار

<<  <  ج: ص:  >  >>