للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قوله لمن يخاصمه: يا حمار، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك، فهذا قبيح لوجهين. أحدهما: أنه كذب، والآخر: أنه إيذاء، وهذا بخلاف قوله: يا ظالم ونحوه فإن ذلك يُسامَحُ

ــ

وما موصولة وهي في موضع رفع بالابتداء أيضاً وصلتها قالا والعائد محذوف تقديره قالاه وعلى الأول خبر ما ودخلت الفاء على الخبر لما تضمنه الموصول من معنى الشرط وما خبرها خبر المبتدأ الأول اهـ. وحاصل معناه أن اسم السباب الواقع من اثنين يختص بالبادئ منهما كله أي إنه ظالم حيث ابتدأ به من غير سبب ولا استحقاق والثاني منتصر لا إثم عليه ولا جناح ومع كونه كذلك فعلى البادئ إثمه أيضاً من حيث إنه سبب محوج إلى ذلك فعاد عليه إثم ذلك السب وإن لم يكن المنتصر آثماً بشرطه من حيث إنه تسبب في التلفظ بما لولا الاستيفاء لكان حراماً ومحل جواز الاستيفاء واختصاص البادئ بالإثم ما لم يتجاوز الثاني قدر الانتصار فيقول للبادئ أكثر مما قال له وفي هذا جواز الانتصار ولا خلاف في جوازه وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة ومع ذلك فالصبر والعفو أفضل قال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} والحديث عند مسلم ما زاد عبد بعفو إلا عزاً ولا يجوز للمسبوب أن ينتصر إلا بمثل ما سبه به ما لم يكن كذباً أو قذفاً أو سباً لأسلافه فمن صور المباح أن ينتصر بيا ظالم أو يا أحمق أو يا جافي أو نحو ذلك لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف وقال القرطبي: فلو قال له يا كلب فالانتصار أن يقول له بل هو الكلب فلو كرر هذا اللفظ مرتين كان متعدياً بالزائد على الواحدة فله الأولى وعليه إثم الثانية وكذا لو رد عليه بأفحش من الأولى فقال: يا خنزير مثلاً كان كل منهما آثماً جانياً على الآخر وهذا كله مقتضى قوله {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} اهـ. قالوا وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته وبرئ الأول من حقه وبقي عليه إثم الابتداء والإثم المستحق الله تعالى وقيل يرتفع عنه جميع ذلك الإثم بالانتصار منه ويكون معنى على البادئ أي اللوم والذم لا الإثم ذكره المصنف في شرح مسلم.

قوله: (ومن الألفاظ المذمومة الخ)

<<  <  ج: ص:  >  >>