للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَرَّهُ أنْ يَسْتَجِيبَ الله تَعَالى لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكُرَبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعاءَ في الرَّخاء".

وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُم آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ

ــ

واستمر الأمر على توثيقه لا سيما وللحديث أيضاً شواهد منها عن شداد بن أوس رفعه إذا ذكر العبد ربه في الدعاء أغاثه عند البلاء أخرجه الطبراني في الدعاء اهـ. قوله: (سره) أي أعجبه وأوقعه في الفرح والسرور (أن يستجيب الله) فاعل سره ومفعول يستجيب محذوف أي دعاءه وقوله (عند الشدائد) ظرف للاستجابة أي حصول الأمور الشديدة من المكروهات (والكرب) بضم ففتح جمع كربة وهي الغم يأخذ بالنفس وكذا الكرب بفتح فسكون كما في الصحاح. وقوله: (فليكثر الدعاء الخ) جواب الشرط و (الرخاء) بفتح المهملة وبالمعجمة ممدود حال سعة العيش وحسن الحال وإنما كان كذلك لأن إكثاره في وقت الرخاء يدل على صدق العبد في عبوديته والتجائه إلى ربه في جميع أحواله وأنه يشكره في الرخاء كما يشكره في الشدة ويتوجه إليه بكليته ليكون له عدة وأي عدة فلذا استجيب أدعيته إذا حق اضطراره وتوالت النعم عليه وسبقت النجاة إليه وأما من يغفل عن مولاه في حال رخائه ولم يلتجئ إليه حينئذٍ بقوة توجهه ورجائه فهو عبد نفسه وهواه البعيد عن بابه الحقيق بأن لا يستجاب له عند الشدائد لكفرانه نعم ربه في حال شيخوخته وشبابه فهو كمن أخبر عنهم تعالى في حال خشية الغرق يدعون الله مخلصين له الدين فإذا نجاهم من ذلك عادوا لكفرهم وإشراكهم والحاصل أن من شأن المؤمن الحازم أن يريش السهم قبل الرمي ويديم الالتجاء إلى الله سبحانه في كل أحيانه بخلاف الكفار وأرباب الغفلة فإنهم كما قال تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ} فذو دعاء عريض.

قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) ورواه أبو داود والنسائي وغيرهما كما تقدم الكلام على معنى الذكر في باب

<<  <  ج: ص:  >  >>