للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَبْرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَمَاتِ" وفي رواية "وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجاَلِ".

قلت: ضَلَعُ الدَّين: شدته وثِقَل حمله، والمحيا والممات: الحياة والموت.

وروينا في "صحيحيهما" عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاءً أدعو به في صلاتي: "قُلْ: اللهم إني ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كثِيراً، ولا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاّ أنْتَ، فاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إنكَ أنْتَ الغَفُورُ الرحِيمُ".

قلت: روي "كثيراً" بالمثلثة، و"كبيراً" بالموحدة، وقد قدمنا بيانه

ــ

(وفتنة المحيا والممات) أي فتنة الحياة والموت فالمصدران الميميان وضعا موضع اسم المصدر وهو ما اقتصر عليه الشيخ المصنف واختلف في المراد بفتنة الموت فقيل فتنة القبر وقيل الفتنة عند الاحتضار وقيل إنها اسم زمان أي من فتنة زمن الحياة وزمن الموت من أول النزع وهلم جراً قال ابن بطال هذه كلمة جامعة لمعان كثيرة وينبغي للمرء أن يرغب إلى ربه في دفع ما نزل به ودفع ما لم ينزل به ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك وكان -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من جميع ما يتعوذ به دفعاً عن أمته وتشريعاً

لهم حيث بين لهم صفة المهم من الدعاء. قوله: (وفي رواية لهما) وهي عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي كلهم من حديث أنس بلفظ اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال، وضلع الدين بفتح المعجمة واللام هو ثقله وهو في الأصل الاعوجاج والميل أي ثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء والاعتدال وحاصله كثرة ديون العباد بحيث تشغله وتمنعه عن حضور العبادة وحصول الاستقامة بسبب كثرة المطالبة الواقعة في الذمة ولذا ورد لا هم إلا هم الدين.

قوله: (وروينا في صحيحيهما) تقدم الكلام على ما يتعلق بتخريجه ومتنه في باب الدعاء قبل السلام. قوله: (روي كثيراً بالمثلثة وبالموحدة) قال في السلاح روي في مسلم بالمثلثة وبالموحدة وصريحه أن الروايتين لمسلم فقط وتقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>