للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو بهؤلاء الكلمات: "اللهم إني أعُوذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ النَّارِ، وعَذابِ النَّارِ، ومِنْ شَرّ الغِنى والفَقْرِ" هذا لفظ أبي داود، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ــ

إن قلت الدعاء إن كان بمقدر فهو حاصل وإن لم يدع وإن كان بغيره لم يحصل فما فائدة الاسم الأعظم قلت: إن كان الدعاء بمقدر فقد يفيد زيادة تعجيله أو بغير مقدر فبإعطاء بدله عاجلاً تارة بواسطة الدعاء بالاسم الأعظم وآجلاً أخرى فالحاصل أن الاسم الأعظم قد يفيد أصل التعجيل أو زيادته أو كمالاً في المستجاب أو في بدل المدعو به أو نحو ذلك.

قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) قال السخاوي بعد تخريج الحديث بطوله وفيه هذا الدعاء ما لفظه حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة وأبو عوانة وأبو نعيم والحاكم في المستدرك وعند الطبراني في الدعاء وقدسها الشيخ حيث لم يعزه للصحيحين كما أن الحاكم استدركه عليهما وقال إنه صحيح على شرطها مع كونه فيهما ولذا تعقبه شيخنا لكن مقتصراً على أنه في مسلم اهـ. قوله: (من شر فتنة النار) أي فتنة تؤدي إلى النار والفتنة في الأصل الامتحان والاختبار. قوله: (ومن شر الغنى) مثل الأشر والبطر والشح بحقوق المال وإنفاقه فيما لا يحل من إسراف وباطل ومفاخرة. قوله: (والفقر) أي ومن شر الفقر كالسخط وقلة الصبر والوقوع في الحرام والشبهة للحاجة ذكره ابن الجزري قال بعض المحققين قيد بالشر لأن كلاًّ منهما فيه خير باعتبار وشر باعتبار فالتقييد في الاستعاذة منه بالشر يخرج ما فيه من الخير قال في الحرز وقد بين هذا المعنى قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كاد الفقر أن يكون كفراً" ثم قيل المراد فقر النفس وهو الذي لا يرده ملك الدنيا بحذافيرها وليس في الحديث ما يدل على تفضيل أحدهما على الآخر قال بعضهم لأن كل ما هو مانع عن الحضور من فقر أو غنى فهو شؤم عند أهل السرور نعم

<<  <  ج: ص:  >  >>