للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تَعِنْ عَليَّ، وانْصُرْني وَلا تَنْصُرْ عَليَّ، وامكُرْ لي وَلا تَمْكُرْ عَليَّ، واهدِني ويَسِّرْ الهدى لي، وانْصُرْني على مَنْ بَغَى عَليَّ، رَبِّ اجْعَلْني لكَ شاكِراً، لكَ ذَاكِراً، لَكَ راهِباً،

ــ

ذكرك وشكرك وحسن عبادتك كما في حديث آخر (ولا تعن علي) أي من يمنعني عن ذلك، ويحتمل أن يكون المراد أعني على أعدائك الذين يريدون قطعي عنك ولا تعن أحداً منهم علي وعليه فيكون قوله (وانصرني ولا تنصر علي) تأكيداً لما قبله أو من عطف الخاص على العام لأن الأول في الأعداء المقاتلين وغيرهم والثاني في المقاتلين وعلى الأول فقوله وانصرني أي على نفسي وشيطاني وسائر أعدائي ولا تنصر علي أي أحداً من خلقك من عطف العام على الخاص. قوله: (وامكر لي ولا تمكر علي) هذا مما استعمل في حقه تعالى والمراد غايته كما هو القاعدة في كل ما استحالت حقيقته على الله تعالى إذ المكر الخداع وهو إبطال الحيلة للغير حتى ينفذ فيه ما يريده به من الشر وهذا محال على الله عزّ وجلّ إذ لا يفعل ذلك إلا عاجز عن الأخذ مقاهرة ولكن غايته إيقاع البلاء بالعدو من حيث لا يشعر أو استدراجه بالطاعة حتى يظن أنه على شيء وليس على شيء ومن ثم قال بعض العارفين في قوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} تظهر لهم الكرامات حتى يظنوا أنهم من الأولياء ثم نأخذهم على غرة فقوله: امكر لي، أي أوقع البلاء بالأعداء من حيث لا يشعرون. ولا تمكر علي، بالاستدراج بالطاعة وتوهم أنها مقبولة وهي مردودة. قوله: (واهدني) أي دلني على عيوب نفسي وأوصلني إلى المقامات الكريمة (ويسر لي الهدى) أي سهل أسبابه لي أي لأجلي. قوله: (على من بغى علي) أي ظلم وتعدى وطغى وهذا تأكيد لقوله أعني الخ. قوله: (لك) أي وحدك كما أفاده تقديم المعمول وكذا في الباقي فتقديم الصلات لذلك والاهتمام. وقوله (شاكراً) أي بلساني وجناني وأركاني بأن اصرف ذلك كله إلى ما خلقته لأجله من دوام الذكر وشهود الجلال والقيام بوظائف الخدمة والعبودية. قوله: (ذاكراً) أي باللسان والجنان بذكر أسمائك وجلائل نعمك ودقائقها فهو كالتأكيد لما علم مما تقرر في الشكر أنه يشمله وكذا يقال فيما بعده. قوله: (راهباً) أي منقطعاً عن

<<  <  ج: ص:  >  >>