شَيئاً لأتيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً" قال الترمذي: حديث حسن. قلت: عنان السماء بفتح العين: وهو السحاب، واحدتها عنانة، وقيل: العنان: ما عنَّ لك منها، أي ما اعترض وظهر لك إذا رفعت رأسك. وأما قراب الأرض، فروي بضم القاف وكسرها، والضم هو المشهور، ومعناه: ما يقارب ملأها، وممن حكى كسرها صاحب "المطالع".
ــ
لا تشرك بي أي بذاتي وصفاتي وأفعالي أو بعبادتي (شيئاً) من النفس والشيطان والخلق إذ الشرك قسمان جلي وخفي والأول غير مغفور بشهادة {إنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} والثاني يحبط العمل ويعاقب به إلا أنه يغفر قال تعالى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وجعله بعضهم من تعدد الأحوال قال فقوله: إنك ما دعوتني أي بلسانك ورجوتني أي بجنانك غفرت لك ما كان منك أي من تقصير في أركانك أو تكاسل في إحسانك ولا أبالي أي من أحد إذ لا يسأل عما يفعل ولا معقب لحكمه والشرك مستثنى بشهادة {إنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} أي إلا بالتوبة منه بالإسلام ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء أي بالتوبة ودونها وهذا للمقصرين من السابقين، وقوله: يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني أي ظاهراً وباطناً بالتوبة غفرت لك وهذا شامل لجميع المذنبين من الظالمين، وقوله: يا بن آدم لو أتيتني بقراب الأرض الخ إشارة إلى مرتبة المخلصين الصديقين، قوله: لأتيتك بتاء الفاعل أي لجئتك وهذا الحديث ختم به المصنف الأربعين الحديث التي جمعها قال بعض الشراح ختم هذا الكتاب بهذا الحديث البديع والكلام الرفيع إشعاراً بأنه يجب على العبد أن يعتقد في مولاه الفضل والإحسان والمغفرة والامتنان وأن يحسن ظنه بربه آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالعقبى فإنه سبحانه هو التواب الرحيم الكريم الغفار العظيم. قوله:(قراب) بضم القاف قال ابن الجزري مصدر قارب يقارب وتعقبه في الحرز بأن مصدر قارب إنما هو قراب بكسر القاف كقاتل قتالاً أما الفعال بالضم فهو للمبالغة كعجاب مبالغة عجيب اهـ. قوله:(والضم هو المشهور) في الرياض للمصنف والضم أشهر. قوله:(وممن حكى الكسر صاحب المطالع) الظاهر أن مراد صاحب المطالع أن الكسر