ولا تُزِغْ قلبي بَعْدَ إذْ هَدَيْتَني، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحمَةً إنكَ أَنْتَ الوَهابُ".
ــ
ذلك اليوم. قوله:(ولا تُزغ قلبي) بإظهار الغين عند القاف باتفاق عند جميع القراء أي لا تمله عن الحق وفي النهر في قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا}[آل عمران: ٨] أي لا تجعلنا من الذين في قلوبهم زيغ أي ميل عن الحق بعد الهداية أي إلى الحق والمراد ثبت قلوبنا على دينك وأقدامنا على أداء حق عبوديتك ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ثم رأيت الواحدي قال روت أم سلمة إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ثم يقول:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} إلخ اهـ، وأصله في الترمذي وفيه فقلت يا رسول الله ما لأكثر دعائك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال يا أم سلمة أنه ليس آدمي إلاّ وقلبه بين
إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ فتلا معاذ أي أحد رواته:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}[آل عمران: ٨] اهـ، والمراد لا تزغ قلوبنا كما أزغت قلوب اليهود والنصارى ومن في قلوبهم الزيغ بعد إذ هديتنا للإيمان بحكم الكتاب ومتشابهه وفيه الإشارة على أنه لا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون ولدن بمعنى عند والمراد بالعندية كما تقدم عندية الشرف والمكانة والمطلوب رحمة تليق بذلك و. قوله:(إنك أنت الوهاب) كالتعليل لحصول المطلوب ويجوز فيه من حيث الإعراب الفتح على تقدير لام التعليل والكسر على الاستئناف وتقدر قبلها الفاء وقد قرئ بهما إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم وهذان الوجهان يجريان في إن الواقعة بعد كلام تام معلل بمضمون ما صدر بها والوهاب صيغة مبالغة إذ هو الواهب لجلائل النعم ودقائقها فما في الكون شيء جل أو قل إلا وهو من فضله ونعمته قال - صلى الله عليه وسلم - من قال في الصباح "اللهم ما أصبح بي أو بأحد من خلقك من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فقد أدى شكر ذلك اليوم".