جعلكم الله محرومين كما جعلتموني محرومًا من الطعام والمسكن بأن ذكرتم اسم الله ولكن ({وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إلا فِي ضَلَالٍ}[غافر: ٥٠] قال الطيبي وهذا بعيد لقوله بعده قال الشيطان أدركتم المبيت والعشاء والمخاطبون أعوانه قال ميرك ويحتمل أن يكون الخطاب هنا أيضًا لأهل البيت والجملة دعاء عليهم قلت هذا بعيد جدًّا على أنه تحصيل الحاصل وفي كتاب الأذان من شرح مسلم للأبي في حديث "إذا سمع الشيطان النداء أدبر وله ضراط الخ" فيه عوده عند أخذه في الصلاة بعد هروبه عند سماعه الأذان كما قال "فإذا سكت عاد" وقال في كتاب الأطعمة إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء فظاهره أنه يذهب ولا يرجع والفرق إن هروبه في الأذان لئلا يسمع موجب هروبه فإذا انقضى رجع وذكر الله عند دخوله جعل مانعا له من الكون في البيت فإذا ذهب فلا يرجع وأجاب غير الأبي بأن المبيت في البيت أخص من مطلق الكون فيها ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم فقد يرجع إلى الوسوسة ولا يثبت فيستوي الحديثان اهـ، ولك إن تقول مؤيدًا لما أجاب به ذلك الغير نفس الخبر مصرح بأن الممنوع بالذكر عند الدخول المبيت إذ لو ذكر عند الدخول ولم يذكر عند الطعام أكل معه وإن منع من المبيت والمانع منهما الذكر عندهما على أنه غير مانع من الوصول لغير المبيت والأكل من وسوسة ونحو هذا والله أعلم وفي الحديث إن الشيطان يأكل وقد ورد عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويعطي بشماله ويأخذ بشماله قال ابن عبد البر في التمهيد فيه دليل على أن الشياطين يأكلون ويشربون وقال آخرون هذا الحديث وما كان مثله على المجاز والمراد هنا إن الأكل باليسار يحبه الشيطان قال وليس هذا عندي بشيء ولا معنى للحمل على المجاز إذا أمكنت الحقيقة وقال آخرون أكل الشيطان صحيح لكنه