قيل ما طالعها أحد إلا شربها هذا كله حيث لم يقع منه إشارة أو قرينة تعين المراد غير الخمر المحرمة كما يقع لكثير من أنهم يعنون ريق المحبوب أو فواتح الحق على عباده ونحو ذلك فحينئذٍ لا حرمة وعلى هذا يحمل ما جاء عن الصحابة كما وقع لكعب بن زهير رضي الله عنه في بانت سعاد وأنشدها بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه.
فإن قلت هذه واقعة حال يحتمل أنه كان قبل تحريم الخمر.
قلت هذا الاحتمال بعيد فلا يسقط بمثله الأدلة الظاهرة على أن الكلام في الخمر غير الحقيقية فلا يرد السؤال من أصله ثم رأيت إنه كان بعد تحريم الخمر، وعلى الشعر المذموم حمل قوله - صلى الله عليه وسلم - من رأيتموه ينشد شعرًا في المسجد فقولوا له فض الله فاك ثلاث مرات رواه ابن السني وحمله ابن بطال على ما يتشاغل به كل من بالمسجد حتى يغلب عليه كما قال أبو عبيد حديث لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا بأنه الذي يغلب على صاحبه اهـ. وفي التوشيح للسيوطي روى ابن خزيمة والترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نهى - صلى الله عليه وسلم - عن تناشد الأشعار في المسجد، والجمع بينه وبين حديث الباب أي حديث حسان يحمل النهي على أشعار الجاهلية ونحوها اهـ، وظاهر أن المراد غالب أشعار الجاهلية وإلّا فما اشتمل منها على المحاسن كالتوحيد في شعر أمية بن أبي الصلت لا يكره إنشاده ولعل الإطلاق لأن غالب أشعارهم خال عن ذلك وقال ابن خزيمة ذكر الخير في خبر لأن يمتلئ جوف أحدكم إلخ، دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن تناشد بعض الأشعار في المساجد لا عن جميعها ثم ذكر حديث البخاري كذلك في بدء الخلق وذكره في باب الشعر أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع حسان بن ثابث يستشهد أبا هريرة هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يا حسان أجب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم أيده بروح القدس قال نعم قال ابن بطال وليس في هذه الرواية أنه أنشد شعرًا في المسجد بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنه ذكر ذلك في روايته التي في باب بدء الخلق وأشار بهذه الترجمة أي باب إنشاد الشعر في المسجد إلى تلك الرواية نته عليه شراح البخاري.
فائدة
قال الترمذي قد روي في غير حديث رخصة في إنشاد الشعر في المسجد قال الحافظ وجمع العلماء بين الأحاديث التي في الرخصة وبين أحاديث النهي بنحو مما أشار إليه الشيخ في الترجمة
ومنهم من حمل النهي على التنزيه والفعل على بيان الجواز ومنهم من فصل فحمل النهي على ما فيه