ثم قال: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة
ــ
نقل عن أبي سهل من المالكية في كتابه الأحكام حكاية الخلاف في تسبيح المؤذنين في الثلث الأخير من الليل ووجه من منع ذلك أنه يزعج النوام وقد جعل الله الليل سكنًا وفي هذا نظر والله الموفق اهـ، وأول ما حدث التذكير يوم الجمعة ليتهيأ الناس لصلاتها بعد السبعمائة زمن الناصر بن قلاوون. قوله:(ثَم قَال) ظاهر عطفه هنا كالروضة بثم أن السنة لا تتأدى بتقديم هذا الدعاء على الإجابة والحديث الآتي في مسلم مقتض لذلك وهو ظاهر وأن عطف الرافعي وغيره بالواو المقتضي للحصول والله أعلم. قوله:(رَبّ هذِهِ الدعْوَةِ) بفتح الدال معناها الدعاء والمراد بها الأذان والإقامة ورب إما منادى أو بدل من اللهم لا وصف له لما تقدم أنه ممنوع عند سيبويه قال في النهاية رب هذه الدعوة أي صاحبها وقيل المتمم لها والزائد في أهلها والعمل بها والإجابة لها اهـ. قوله:(التَّامَّةِ) أي السالمة من تطرق نقص إليها والمشتملة على أصول الشريعة وفروعها بعضها بالتصريح وبعضها بالإشارة والتلويح كما مر وقيل سميت بذلك لكمالها وعظم موقعها وقال ابن التين لأن فيها أتم القول وهو لا إله إلا الله وقيل المراد بالتامة التي لا تغيرها ملة ولا تنسخها شريعة قال في الحرز وقال الخطابي في كتاب شأن الدعاء: وصفها بالتمام لأنها ذكر الله تعالى يدعي بها إلى طاعته وهذه الأمور التي تستحق وصف الكمال والتمام وما سواها من أمر الدين فمعرض للنقص والفساد وكان الإمام أحمد يستدل بذلك على أن القرآن غير مخلوق إذ ما من مخلوق إلَّا وفيه نقص اهـ، وقيل وصفت بالتمام لأن ما اشتملت عليه من أصول الشريعة وفروعها وما والاها هي المستحقة وصف التمام والكمال وما سواها من الأمور الدنيوية في معرض الفساد والنقص والزوال وقيل لأن هذه الكلمات محمية عن التغيير والتبديل باقية إلى النشور وقيل المراد من الدعوة التامة دعوة التوحيد كقوله تعالى:(دَعوَةُ الحَقِّ)[الرعد: ١٤] وقيل لدعوة التوحيد تامة لأن الشركة نقص. قوله:(وَالصلاةِ القائِمَةِ) التي ستقوم وتحضر أو الدائمة التي لا تغيرها ملة ولا تنسخها شريعة قال الحافظ ابن حجر والمراد بالصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذٍ.
قلت وعليه الجمهور وقال الطيبي من أوله إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي الدعوة التامة والحيعلة هي الصلاة القائمة في قوله ويقيمون الصلاة ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء