إلى الجنة وغير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعض دون بعض وقوله له أي يخص بشفاعة ليست بغيره أو تفرد شفاعته مما يحصل لغيره تشريفًا له وإن دخوله في الشفاعة لا بد منه وقد رأيت أذكر معنى الشفاعة وأقسامها في هذا المكان تتميمًا للفائدة فأقول ذكر الغزالي في معنى الشفاعة وسببها كلامًا نفيسًا حاصله أنها نور يشرف من الحضرة الإلهية على جوهر النبوة لشدة المحبة وكثرة الذكر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومثاله نور الشمس إذا وقع على الماء فإنه ينعكس منه إلى محل مخصوص من الحائط دون جميعه وسبب الاختصاص المناسبة بينه وبين الماء في الموضع الذي أخرج منه خط إلى موضع النور حصلت منه زاوية تلي الأرض مساوية للزاوية الحاصلة من الخط الخارج من الماء إلى قرص الشمس بحيث لا يكون أوسع منها ولا أضيق ولهذا لا يمكن إلَّا في موضع مخصوص من الجدار فكما أن المناسبات الوضعية تقتضي الاختصاص بانعكاس النور فالمناسبات المعنوية العقلية تقتضي ذلك أيضًا في الجواهر المعنوية ومن استولى عليه التوحيد فقد تأكدت مناسبته مع الحضرة الإلهية وأشرق عليه النور من غير واسطة ومن استولى عليه السنن والاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - ومحبته ومحبة أتباعه ولم يرسخ قدمه في ملاحظة الوحدانية لم يستحكم مناسبته إلَّا مع الواسطة فافتقر إلى الواسطة في اقتباس النور كما يفتقر الحائط الذي ليس مكشوفًا للشمس إلى واسطة الماء المكشوف للشمس وإلى مثل هذا ترجع حقيقة الشفاعة في الدنيا فالوزير الأقرب للملك يحمله على العفو عن جرم أصحابه لا لمناسبة بينهم وبين الملك بل بينهم وبين الوزير المناسب للملك ففاضت عليهم العناية بواسطة الوزير لا بواسطة أنفسهم ولو ارتفعت الواسطة لم تشملهم العناية أصلًا لأن الملك لا يعرفهم ولا يعرف اختصاصهم بالوزير إلّا بتعريفه وإظهار الرغبة في العفو عنهم فسمي لفظه في التعريف إظهارًا للرغبة شفاعة مجازًا وإنما والشفيع مكانته عند الملك واللفظ والتسمية مستغن عن التعريف ولو عرف الملك حقيقة اختصاص غلام الوزير لاستغنى عن التعريف وحصل العفو بشفاعة لا نطق فيها ولا كلام والله تعالى عالم به ولو أذن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما هو معلوم له لكانت ألفاظهم أيضًا ألفاظ الشفعاء وإذا أراد الله تعالى أن يمثل حقيقة الشفاعة بمحال يدخل في الحس والخيال لم يكن ذلك التمثيل إلّا بألفاظ مألوفة في