أنه شرط لا ركن وعلله قائله إن الركن هو الداخل في الماهية والمصلي لا يدخل في الصلاة إلَّا بفراغه منه وأجاب عنه الروياني بأن المصلي إذا فرغ منه تبينا دخوله بأوله والنووي في شرح المهذب حكى هذا عن أبي حنيفة قال وفائدة الخلاف في كونه شرطًا أو ركنًا فيما لو افتتح بمانع ما من النجاسة
أو استدبار القبلة أو غيره وهي فائدة صحيحة فاعلمها اهـ. قال الفاكهاني في شرح العمدة ما لفظه نقلًا عن شيخه عبد الحميد: الذي عندي إن فائدة الخلاف في ذلك صحة تقديم الإحرام على وقت تقديم العبادة إن كان شرطًا وعدم صحته إن كان ركنًا إذ لا يشترط في إيقاع شرط العبادة المؤقتة دخول وقت العبادة كالطهارة اهـ. وقال بعض متأخري الشافعية تظهر فائدة الخلاف فيما لو كبر وفي يده نجاسة فألقاها في أثناء التكبير أو شرع في التكبير قبل ظهوره لزوال الشمس ثم ظهر الزوال قبل فراغها فلا تصح صلاته عندنا في الصورتين أي على القول المعتمد أنه ركن وتصح على القول بأنها شرط كستر العورة اهـ. "والإمام أبو حنيفة" فهو الإمام الأعظم والعلم المفرد المكرم إمام الأئمة المتفق على علو مرتبته ووفور علمه وزهده وتجليه من العلوم الباطنة فضلًا عن الظاهرة بما فاق به أهل عصره وفاق بحسن الثناء عليه وإذاعة ذكره من أكابر التابعين أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي بضم الزاي وفتح الطاء ماه مولى تيم الله بن ثعلبة الكوفي روى الخطيب بإسناده عن حفيدة عمر بن حماد بن أبي حنيفة إن ثابتًا ولد على الإسلام وزوطي كان مملوكا لبني تيم فأعتقوه فصار ولاؤه لهم وأنكر إسماعيل أخو عمر حفيد أبي حنيفة ذلك وقال إن والد ثابت من أبناء فارس وأنهم أحرار والله ما وقع علينا رق قط ولد جدي سنة ثمانين وذهب بثابت ابنه إلى علي بن أبي طالب وهو صغير فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته ونحن نرجو الله أن يكون ذلك قد استجيب فينا اهـ، وهو كما رجا فقد بارك الله في جده أبي حنيفة بركة لا نهاية لأقصاها ولا حد لمنتهاها وبارك في أتباعه فكثروا في سائر الأقطار وظهر عليهم من بركة إخلاصه وصدقه ما اشتهر به في سائر الأمصار أخذ الفقه عن حماد بن أمية وأدرك أربعة من الصحابة بل ثمانية منهم أنس وعبد الله بن أبي أوفى وسهل بن سعد وأبو الطفيل وقد نظم بعضهم أسماء بعض من روى عنه الإمام أبو حنيفة من الصحابة فقال:
أبو حنيفة زين التابعين روى ... عن جابر وابن جزء والرضى أنس