للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ" هذا حديث صحيح

ــ

الذم مدح أبي طلحة الأنصاري مع أنه لما خطب أم سليم قالت إني مسلمة وأنت كافر فلا تحل لي فأسلم وتزوجها وكان صداقها الإسلام لأن هذا الحديث وإن صح إلا أنه معلل إذ المعروف أن تحريم المسلمة على الكافر بين الحديبية والفتح لما نزل {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} [الممتحنة: ١٠] كما في صحيح البخاري على أنه ليس فيه أنه أسلم ليتزوجها وإنما امتنعت حتى هداه الله للإسلام رغبة فيه لا فيها وكون الداعي إلى الإسلام الرغبة فيه لا يضره كونه يعلم حل نكاحها

بذلك. قوله: (فهجرته إلى ما هاجر إليه) إلى الأولى ومجرورها متعلقان بالمحذوف خبر المبتدأ ويصح أن يكون المتعلق نفس المبتدأ والخبر محذوف والتقدير هجرته إلى ما ذكر قبيحة وأعاد ذكر الجلالة واسم الرسول في الجواب ثمة لما تقدم وترك ذلك في هذا المقام إظهاراً لعدم الاحتفال لأمر الدنيا والزوجة وتنبيهاً على أن العدول عن ذكرهما أبلغ في الزجر عن قصده فكأنه قال إلى ما هاجر إليه وهو حقير مهين لا يجدي ولأن ذكرهما يستحلي عند العامة فلو كرر ربما علق بقلب بعضهم فيهش له ويظن أنه العيش الكامل فأضرب عنه صفحاً لإزالة هذا المحذور ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم - تنبيهاً على ذلك في أسر المواطن وأشدها إن العيش عيش الآخرة أي لا تغتر بحسن العيش ولا تتعب لضيقه فإن الحياة الأبدية والنعم السرمدية نعم الآخرة.

تنبيه

قوله - صلى الله عليه وسلم - فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها ظاهره أن الغرض الباعث هو الدنيا فحسب كما أن المهاجر إليه فيما قيل هو المقصود وحينئذٍ فلا يؤخذ من الحديث حكم الهجرة عند اجتماعهما خلافاً لمن زعم أنه يفيد حكمها وإن لها ثواباً وانه دون ثواب المهاجر لله وحده والمسألة طويلة الذيل وحاصل المسألة كما حرره بعض المحققين أن العمل إن صاحبه قصد محرم من رياء بأن أريد به غرض دنيوي فقط ولو مباحاً فهو حرام خالٍ عن الثواب وإن كان مشوباً به فكذلك وهذا محل قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>