للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ

ــ

صحيح فإن قوله في صلاتي يعم جميعها ومن مظان الدعاء في الصلاة هذا الموطن اهـ. ووجه الكرماني أيضًا بأن لكل مقام ذكرًا مخصوصًا فتعين أن يكون مقامه بعد الفراغ من الكل وهو آخر الصلاة وتعقبه في فتح الباهري بأن البخاري بوب عليه بأن الدعاء قبل السلام وهو يصدق على جميع أركان الصلاة كما جزم به ابن المنير فيطالب بدليل اختصاص الدعاء بهذا المحل وقال ابن الجوزي في كشف المشكل أولى المواضع به بعد التشهد ورجح بعضهم السجود عليه لشرفه وللإجماع على ركنيته وفي هذا اللفظ إشعار بأن أمور الصلاة توقيفية فيترجح به مقالة الحنفية من أنه لا يدعى في الصلاة بغير الوارد وما أشبهه وأجيب بأنه على سبيل الأولوية إلّا الوجوب لحديث ابن مسعود ثم ليتخير من المسألة ما شاء. قوله: (ظَلمْتُ نَفْسي) أي بملابسة ما يوجب العقوبة أو ينقص حظها وأصل الظلم وضع الشيء في غير محله وهو على مراتب أعلاها الشرك والنفس يذكر ويؤنث واختلف هل النفس هي الروح أم لا قال ابن الملقن الظاهر أن المراد بالنفس هنا الذات المشتملة على الروح أي ظلمتها بوضع المعاصي موضع الطاعات وجزم به البرماوي. قوله: (ظلمًا كَثِيرًا) أكد بالمصدر ووصفه تحقيقًا لدفع المجاز وفي شرح العمدة لابن جمعان في الحديث دليل على تكذيب مقالة من زعم أنه لا يستحق اسم الإيمان إلَّا من كان لا خطيئة له ولا جرم وزعموا أن أهل الإجرام غير مؤمنين وإن سائر الذنوب كبائر وذلك أن الصديق أفضل الصديقين من أهل الإيمان وقد أمره الشارع أن يقول ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا الخ. وفيه دليل على أن الواجب على العبد أن يكون على حذر من ربه في كل أحواله وإن كان من أهل الاجتهاد في عبادته في أقصى غاية إذ كان الصديق مع موضعه في الدين لم يسلم مما يحتاج إلى

استغفار ربه تعالى منه اهـ. قوله: (ولا يَغفِرُ) من الغفر وهو الستر والمعنى أنه سأل أن يجعل ساتر بينه وبين الذنب أن لم يوجد وبينه وبين ما يترتب عليه من العقاب واللوم أن وجد قال القلقشندي وبهذا التقرير يندفع الإشكال في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمغفرة مع عصمته وفيه نظر بالنسبة للشق الأخير لأن فيه إثبات الذنب وطلب الستر في العقاب المرتب عليه والأحسن ما تقدم قريبًا من الأجوبة عن ذلك. قوله: (الذُّنُوبَ) هو جمع ذنب وهو الجرم مثل فلس

<<  <  ج: ص:  >  >>