هكذا ضبطناه:"ظُلْمًا كثيرًا" بالثاء المثلثة في معظم الروايات، وفي بعض روايات مسلم:"كَبِيرًا" بالباء الموحدة، وكلاهما حسن، فينبغي أن يجمع بينهما فيقال:"ظُلْمًا كَثيرًا كَبِيرًا".
وقد احتج البخاري في "صحيحه"، والبيهقي، وغيرهما من الأئمة بهذا الحديث على الدعاء في آخر الصلاة، وهو استدلال صحيح، فإن قوله: في صلاتي، يعم جميعها، ومن مظان الدعاء في الصلاة هذا الموطن.
ــ
الإنعام فالمغفرة ستر الذنوب ومحوها والرحمة إيصال الخيرات ففي الأول طلب الزحزحة عن النار وفي الثاني طلب إدخال الجنة وهذا هو الفوز العظيم اهـ. قوله:(هكذَا ضبطنَاهُ الخ) قال الحافظ بين مسلم أن رواية كبيرًا بالموحدة عنده من رواية محمد بن رمح عن الليث قال الحافظ ولم يقع عنده ولا عند غيره ممن ذكرنا إلَّا بالمثلثة نعم أخرجه أحمد من وجه عن ابن لهيعة
وصرح أنه عنده بالموحدة اهـ. قوله:(فينبغِي أَن يْجمَعَ بَينَهمَا الخ) اعترضه العز بن جماعة وتبعه الزركشي وغيره بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينطق بهما كذلك وإنما يجمع بين الروايتين بأن يقال هذا مرة وهذا أخرى والاتباع إنما يحصل بذلك لا بالجمع اهـ. ويرد بأن أحدهما نطق به - صلى الله عليه وسلم - يقينًا أو ظنًّا والآخر يحتمل أن الراوي رواه بالمعنى وإن فرض أنه بعيد فلرعاية هذا الاحتمال ندب الجمع بينهما في كل مرة ليتحقق النطق بما نطق به - صلى الله عليه وسلم - وإنما ذكر هذا مرة وهذا مرة فيلزم عليه أنه في إحدى المرتين نطق بغير ما نطق به - صلى الله عليه وسلم - فظهر أن الجمع في كل مرة أولى لسلامته من ذلك الاحتمال.
فإن قلت لا يحتاج إلى ذلك ويحمل اختلاف الروايتين على أنه - صلى الله عليه وسلم - نطق بكل منهما فالنطق بكل منهما سنة وإن لم ينطق بالأخرى فلا يحتاج للجمع ولا أن يقول هذا مرة وهذا مرة. قلت هو محتمل لكن ما ذكره أحوط فقط لاحتمال أن إحدى الروايتين بالمعنى وإن كان بعيدًا كيف وقد قال المصنف في شرح مسلم في قول ابن الصلاح في رواية تقديم الحج على الصوم في خبر بني الإسلام على خمس يحتمل أنها رواية بالمعنى وهذا ضعيف إذ لو فتح باب احتمال التقديم والتأخير في مثل هذا قدح في الرواة والروايات فإنه لو فتح ذلك لم يبق لنا وثوق بشيء من الروايات إلَّا القليل ولا يخفى بطلان هذا