تكْفِيكَ مِنْ كُل شَيء" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في سنن أبي داود، والترمذي، وابن ماجه وغيرها
ــ
فإن من أدب الدعاء الإلحاح وأقله التثليث. قوله:(تكفيكَ) أي هذه السور أي تدفع عنك. قوله:(منْ كل شَيْءٍ) قيل من فيه زائدة في الإثبات على مذهب جماعة بل وعلى مذهب الجمهور لأن يكفيك متضمنة للنفي كما علم من تفسيرها بيدفع ويصح أن تكون لابتداء الغاية أي تدفع عنك من أول مراتب السوء إلى آخرها أو تبعيضه أي بعض كل نوع من أنواع السوء قيل ويحتمل أن يكون المعنى تغنيك عن كل ما عداها ولعل وجهه أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن وورد لن يقرأ سورة أبلغ عند الله من (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَق) الفلق: رواه أحمد والنسائي والدارمي من حديث .. واعترض بأنه إذا فسر يكفي بما سبق وأبلغ بمعنى أبلغ في التعويذ من كل سورة فما وجه ذكر الثلاثة في الحديث المذكور، وأجيب بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخبر بالقليل أولًا ثم بالكثير إعلامًا بمنة الله تعالى عليه وعلى أمته إذ لم يعطوا ذلك إلّا بسببه فأخبر أن الثلاثة تكفي من كل سوء ثم عظمت عليه المنة فأخبر بأن وسطاها وخلاصتها في ذلك تحصل الكفاية بها وحدها ويمكن الجمع أيضًا بأن يجعل من كل سوء خاصا بالثلاث وهو ما في حديث الباب و (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَق) أبلغ أي عند الله في كفاية شيء مخصوص من أنواع السوء وقيل ويحتمل على بعد أن يكون المراد في حديث أحمد أبلغ من (قُل أَعُوذُ برَبِّ الفَلِق) أي و (قُل هُوَ اللَّهُ أحد)[الإخلاص: ١] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)} [الناس: ١] بقرينة حديث ابن خبيب فيتفق الخبران. قوله:(والترمذِي) أي وقال هذا حديث حسن. قوله:(وغيْرهَا) قال في المرقاة قال ابن الجزري رواه أحمد والأربعة وابن حبان في صحيحه وأبو عوانة ولفظهم في الصباح النشور وفي المساء المصير.
قلت وكذا رواه البخاري في الأدب المفرد وأخرجه النسائي في الكبرى كما قاله الحافظ قال وأخرجه الترمذي وابن ماجة بصيغة الأمر إذا أصبح أحدكم فليقل وفي سند كل منهما مقال قال ابن الجزري وجاء في أبي داود فيهما النشور وفي الترمذي فيهما المصير اهـ. وبه يعلم أن ما في الكتاب لفظ أبي داود وفي الحرز نقلًا عن ابن الجزري يقال نشر ينشر نشورا إذا عاش بعد الموت ولذا ناسب أن يقال في الصباح وإليه النشور